للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثالث: أنه إذا عفا على مال أو على غير مال ثم سرت الجناية إلى النفس فله كمال الدية كلها. لأنّ هذه الجناية أصبحت جناية على النفس وهو إنما عفا عن جناية الأصبع فهذه الجناية الجديدة لم يعفو عنها وهذا القول في الحقيقة وجيه وجيد. لأنه هو عفا عن شيء والجناية أصبحت شيئا آخر إذ سرت إلى النفس كلها. إذا عرفتا الآن حكم هذه المسألة في المذهب وعند المؤلف وعلى القول الصحيح.

قال - رحمه الله - (وإن وكل من يقتص ثم عفا فاقتص وكيله ولم يعلم فلا شيء عليهما)

إذا وكل من يقتص ثم عفا ولم يعلم الموكل فاقتص فلا شيء عليهما أما الموكل فلأنه لا تفريط منه فهو يعمل بأمر الموكِل. وأما الموكِل

فلأنه عفا والقاعدة [أنّ الإحسان لا يوجب الضمان] فهو محسن ولا نوجب عليه الضمان.

والقول الثاني: أنه على الموكِل الضمان لأنه فرط في المبادرة بإعلام الموكَل والراجح المذهب لأنه في الحقيقة ما على المحسنين من سبيل.

قال - رحمه الله - (وإن وجب لرقيق قود أو تعزير قذف فطلبه وإسقاطه إليه)

إذا وجب الحق للرقيق سواء جناية عليه أو قذف فإنّ الحق هو لنفس الرقيق سواء أراد أن يطالب أو يعفو واستدلوا على هذا بأنّ المقصود من إقامة الحدود والقصاص هو أخذ حق المجني عليه وأن يتشفى من الجاني وهذا المعنى يختص ويتعلق بالنفس.

والقول الثاني: أنّ العبد له أن يقتص أو يعفو إلى المال وليس له أن يعفو مجانا لأنه إذا عفا مجانا فقد أدخل الضرر على سيده أليس كذلك؟ لأنّ المال إذا جاء سيكون لمن للسيد فهو مخير بين أمرين إما أن يقتص وليس للسيد أن يلزمه أن يعفو , أو يعفو إلى المال وهذا القول اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>