للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- قال - رحمه الله - (تصح بكل قول يدل على الإذن).

أي أنّ الوكالة عقد من العقود يحتاج إلى ايجاب وقبول , ولايتم إلاّ بايجاب وقبول لكن الوكالة تصح عند الحنابلة بكل قول يدل عليه فلا يشترط أن يقول وكلتك , فلو قال اعتمد عليك في انجاز العمل أو فوضت إليك اتمام العمل , أو قم بصنع كذا وكذا , بأيّ عبارة تدل على المقصود يصح عقد الوكالة ويكون هذا ايجاب. ولماّ بيّن الشيخ الإيجاب انتقل إلى القبول.

- قال - رحمه الله - (ويصح القبول على الفور والتراخي).

يجوز أن يقبل فوراً ويجوز أن يقبل متراخياً , فإذا قبل فوراً جاز بالإجماع , كأن يقول وكلتك فيقول قبلت. أويقول وكلتك في صنع كذا وكذا فيشرع في العمل مباشرة , أما على التراخي فله صور:

الصورة الأولى" أن يقول الموكِل للموكل وكلتك وأنت غائب قبل شهر, فيقول قبلت يعني الوكيل. فالآن الإيجاب صدر قبل كم؟ شهر. والقبول بعد شهر.

الصورة الثانية" أن يقول وكلتك في بناء البيت. والوكيل حاضر ولايقبل ثم بعد سنة يقبل ويبدأ ببناء البيت. ففي الصورة الأولى لم يعلم الموكل بالإيجاب أصلاً إلاّ بعد شهر , وفي الصورة الثانية علم ولكنه لم يقبل إلاّ متراخياً بعد سنة مثلاً. الجميع جائز عند الحنابلة. لأنّ التوكيل عبارة عن إذن في التصرف فمادام الإذن قائماً جاز أن يقبل في أيّ وقت , والصحيح أنّ هذا يرجع للعرف فإن كان العرف يدل على أنه إن بدأ بالعمل بعد الإيجاب مباشرة , وإلاّ فهو منتقل فليس له أن يقبل بعد مدة ثم يشرع في العمل.

والعرف يدل على أنه غالباً إذا لم يقبل مباشرة فإنه ليس له أن يقوم بما وكل به, فليس من المقبول في الأعراف المعاصرة أن أقول لشخص وكلتك في بيع هذه السيارة ثم لايبدي ايجاباً ولارفضاً ثم بعد خمسة أشهر بدون علم الموكِل يأتي بمشتري ويقول هذه السيارة أنا موكل ببيعها ويبيعها عليه ويأتي بحامل السيارات ويحمل السيارة ويذهب, هذا غير مقبول في العرف مطلقاً, بل يرى الموكِل أنّ الموكل لماّ لم يبدي ايجاباً ولاقبولاً ولارفضاً, فإنه انتهى التوكيل بعد مفارقة المجلس. إذاً الراجح نرجع في هذا إلى العرف. فإن دلّ العرف على الإستمرار وإلاّ فهو ملغي.

<<  <  ج: ص:  >  >>