والقول الثاني: أنّ الخمر لا يسمى خمرا إلاّ إذا كان من العنب وما عداه لا يحرم إلاّ كثيره المسكر والصواب مع الجماهير لم سمعت من أدلة صحيحة وصريحة في الموضوع وهذه لمسألة من المسائل التي ثرب على الأحناف فيها والأئمة شنو عليهم حملة بسبب مخالفة صرائح النصوص ومن المعلوم أنّ هذه المسألة هي إلى باب الأشربة والأطعمة أقرب منها إلى باب حد المسكر إنما ذكرها المؤلف هنا ليتبيّن الشراب الذي إذا شربه الإنسان استوجب حد السكر.
قال - رحمه الله - (ولا يباح شربه للذة)
شربه يعني المسكر وقوله للذة يحتمل أنّ معنى كلام المؤلف أنه يحرم ولو كان قصد الشارب من الشرب اللذة والسكر ويحتمل أنّ قصد المؤلف أنّ شرب الخمر محرم ولو شربه للذة لا للسكر ودليل هذا المعنى الثاني قوله - صلى الله عليه وسلم -:"ما أسكر كثيره فقليله حرام".
فإذا شرب الإنسان الخمر للذة لا ليسكر فهو أيضا محرم للحديث ويظهر لي أنا أنّ المعنى الثاني أقرب. لأنّ المعنى الأول موجود بقول الشيخ كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام. كأنه يقول كل شرب المسكر حرام فإذا عرفنا هذا المعنى وقلنا لا يباح شربه للذة يعني إذا شربه ليلتذ بالسكر صار إعادة للمعنى الأول هكذا يبدوا لي أنّ المعنى الثاني أحسن.
ثم - قال رحمه الله - (ولا لتداو)
لا يجوز شرب الخمر ولو كان قصد الشارب التدواي لا السكر لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إنها ليست دواء بل هي داء , ولقول ابن مسعود - رضي الله عنه - إنّ الله لم يجعل شفاء الأمة في ما حرم عليها. وهذا الأثر أيضا ثابت في الصحيح فهذان دليلان على أنّ الخمر ليس بدواء بل داء.
قال - رحمه الله - (ولا عطش)
لا يجوز للإنسان أن يشرب الخمر ولو كان في ضرورة لدفع العطش لأنّ الخمر لا يحصل منه ري بل فيه حرارة تزيد من إحساس الشارب بالعطش وإذا كان شربه لا يرفع الضرورة صار محرما ولو في الضرورة والكلام الآن عن حال العطش وهذا صحيح.
قال - رحمه الله - (ولا غيره إلاّ لدفع لقمة غص بها ولم يحضره غيره)