- واستدلوا أيضاً بدليل وجيه: وهو قول بعض الفقهاء ومنهم الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي: أن الإنسان قد يشتري السلعة لينتفع بها أكلاً أو شرباً أو لبساً أو ركوباً وقد يشتري السلعة لينتفع من ثمنها ولا فرق بين أن يشتري السلعة لينتفع منها أو لينتفع من ثمنها.
وهذا دليل إذا تأملته تجد أنه دليل جيد وفيه فقه وفهم لصورة المسألة.
= القول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها ونصرها وتمسك بها شيخ الإسلام بن تيمية وقال ابن القيم: كنا نراجعه مراراً في هذه المسألة فلا تزيده المراجعة إلا ثباتاً على القول وكان يقول لنا إذا راجعناه في التورق: الحيل لا تزيد العقود إلا تحريماً، يعني: لا تزيد العقود المحرمة إلا تحريماً.
وذهب إلى هذا القول أيضاً عمر بن عبد العزيز.
واستدل هؤلاء:
- بأن عقد التورق حيلة على الربا.
- وأن أي عقد المقصود منه دفع المال الكثير المؤجل لأخذ مال قليل حال فهو ربا.
والراجح رجحاناً ليس بيناً رجحاناً ضعيفاً: صحة التورق وأنه جائز.
أولاً: لما ذكره الشيخ عبد الرحمن السعدي وهو من وجهة نظري جيد وفيه فقه.
ثانياً: لأن هذا القول هو قول عامة فقهاء المسلمين بل قبل شيخ الإسلام ربما الذين يرون التحريم يعدون بالأصابع: رواية للإمام أحمد واختيار عمر بن عبد العزيز وربما إذا بحثت بحثاً دقيقاً تجد مع هؤلاء واحد أو اثنين وأما باقي الفقهاء فكلهم يون الجواز.
ثالثاً: لأن القاعدة الشرعية التي قررها عدد من أهل العلم منهم شيخ الإسلام: أن العقود التي بالناس إليها حاجة ملحة وليس لها بديل فإن الشرع لا يمنعها. وإذا طبقت هذه القاعدة على التورق تجد أنه ينطبق تماماً.
ولذلك نقول: من يتعاطى التورق لحاجة ملحة عارضة فهو أقرب إلى الحل والإباحة ممن يتعاطى التورق لمزيد الاستثمار والتوسع في الأموال. لأنا نقول أن التورق جائز بناء على هذه القاعدة الشرعية. فينبغي أن يضبط بهذا القيد.
ولذلك: فإن شيخنا - رحمه الله - يشترط لجواز التورق هذا الشرط وهو: أن يكون عن حاجة.
لكن لا نستطيع في الحقيقة أن نشترط هذا الشرط ونجعله شرطاً للجواز، بمعنى: أن الذي يريد التورق لغير حاجة يحرم عليه لعدة أمور: