وإذا جفاهُ الشَّيخُ ابتدأ هو بِالاعتذارِ، وأَظهر أنَّ الذَّنب لهُ، والعتب عليهِ، فذلك أَنفعُ لهُ دينًا ودنيا، وأبقى لقلب شيخه.
وقد قالُوا: من لم يصبِر على ذُلِّ التَّعَلُّمِ بقي عُمُرَهُ فِي عماية الجهالة، ومن صبر عليه آلَ أمرُهُ إلى عِزِّ الآخرة والدُّنيا.
ومنه الأثرُ المشهُورُ عن ابنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: «ذُلِلْتُ طَالِبًا فَعُزِّزْتُ مَطْلُوبًا»(١).
وكان الشافعي يقول: كان يختلف إلى الأعمش رجلان، أحدهما كان الحديث من شأنه، والآخرُ لم يكن الحديث من شأنه، فغضب الأعمش يوماً على الذي من شأنه الحديث، فقال الآخر:«لو غضب عليّ كما غضب عليك لم أعُدْ إليه فقال الأعمش: إذن هو أحمق مثلك، يترك ما ينفعه لسوء خُلُقي»
وقال الشافعي: «قيل لسفيان بن عيينة: إن
(١) انظر: المجموع للإمام النووي (١/ ٦٨) وأدب الدنيا والدين للماوردىّ (ص ٧٥).