الآية الثانية: قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات: ٥٦] وكفى بهذه الآية دليلاً على شرف العبادة.
فأعظم بأمرين هما المقصود من خلق الدارين، فحق للعبد ألا يشغل إلا بهما ولا يتعب إلا لهما، ولا ينظر إلا فيهما، وما سواهما من الأمور باطل لا خير فيه ولغو لا حاصل له. فإذا علمت ذلك فاعلم أن العلم أشرف الجوهرين وأفضلهما، ولكن لابد للعبد من العبادة مع العلم، وإلا كان علمه هباء منثوراً.
فإن العلم بمنزلة الشجرة والعبادة بمنزلة ثمرة من ثمراتها، فالشرف للشجرة إذ هي الأصل، لكن الانتفاع إنما يحصل بثمرتها، فإذن لابد للعبد من أن يكون له من كلا الأمرين حظ ونصيب، وهناك أمر آخر يقدم العلم على العبادة ألا وهو: ما يلزمك فعله من الواجبات الشرعية، وما يلزمك تركه من