للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشعراؤها لتهنئته ومدحه وذكر ما كان من بلائه وطلبه بثأر قومه فأتاه وفد قريش وفيهم عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس وعبد الله بن جدعان وأسد ابن خويلد بن عبد العزى في ناس من أشراف قريش فلما قدموا عليه إذ هو في رأس قصر يقال له غمدان وهو الذي يقول فيه أمية بن أبي الصلت:

اشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا ... في رأس غمدان دار منك محلال

قال: فاستأذنوا عليه فأذن لهم فدخلوا عليه فإذا الملك مضمخ بالعنبر يرى وبيص الطيب من مفرقه عليه بردان متزر بأحدهما مرتد بالآخر سيفه بين يديه وعن يمينه وعن يساره الملوك وأبناء الملوك والمقاول

قال: فدنا عبد الملك واستأذن في الكلام فقال: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فتكلم فقد أذنا لك فقال عبد المطلب إن الله أحلك أيها الملك محلا رفيعا صعبا منيعا شامخا باذخا وأنبتك منبتا طابت أرومته وعزت جرثومته وثبت أصله وبسق فرعه في أكرم موطن وأطيب معدن وأنت أبيت اللعن ملك للعرب وربيعها الذي يخصب به وأنت أيها الملك رأس العرب الذي إليه تنقاد وعمودها الذي عليه العماد ومعقلها الذي تلجأ إليه العباد سلفك خير سلف وأنت لنا منهم خير خلف فلن يحمل ذكر من أنت سلفه ولن يهلك من أنت خلفه ونحن أيها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته أشخصنا إليك الذي أبهجنا لكشف الكرب الذي فدحنا فنحن وفد التهنئة لا وفد التعزية، فقال ابن ذي يزن: فأيهم أنت أيها المتكلم، فقال: أنا عبد المطلب بن هاشم قال: ابن أختنا قال: نعم ابن أختكم، قال: ادن فأدناه على القوم وعليه فقال مرحبا وأهلا وناقة ورحلا ومستناخا سهلا وملكا بحلا يعطي عطاءا جزلا قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل وسيلتكم فأنتم أهل الليل وأهل النهار لكم الكرامة ما أقمتم والحباء «١» إذا ظعنتم «٢» .

قال: ثم استنهضوا إلى دار الضيافة والوفود فأقاموا شهرا لا يصلون إليه


(١) الحباء: العطاء والهبة.
(٢) ظعنتم: سافرتم أو رحلتم.

<<  <   >  >>