وسأل أبا طالب عنه فقال: ابني، فقال: كلا، فقال: ابن أخي مات أبوه وهو حمل، قال: صدقت، وعمل لهم ولمن معهم طعاما لم يكن يعمله لهم من قبل، وقال: احفظوا هذا من اليهود والنصارى فإنه سيد العالمين وسيبعث نبيا إليهم أجمعين وإن عرفوه معكم قتلوه فقالوا كيف عرفت هذا قال: السحابة التي أظلته ورأيت خاتم النبوّة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة على النعت المذكور، ورأيت المدر والشجر يسجدان له ولا يسجدان إلّا لنبي.
وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان في رعيه الإبل قد سبقه القوم إلى ظل شجرة فلما جلس مال ظل الشجرة عليه فقال لهم: هذا من آيات نبوّته، وأن الروم إن رأوه عرفوه بصفته فيقتلوه، ثم التفت فإذا هو بسبعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم وقال: ما جاء بكم، قالوا: جئنا لأن هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلّا بعث فيه ناس ونحن آخر من بعث إلى طريقك هذا، فقال لهم: هل خلفتم خلفكم أحدا هو خير منكم، قالوا: لا، قال: أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده، قالوا: لا، قال:
فارجعوا فتابعوه على الرجوع، وزودهم الراهب حتى أسرع به أبو طالب.
فكانت هذه البشائر من رهبان النصارى وما تقدم من أخبار اليهود وقد توارد عليها جميعهم مع اختلاف معتقدهم وتغاير كتبهم من أوائل الشهود على تعيين النبوّة فيه.
أما عن كتب نعت فيها فأصابوه على النعت فكان إنذارا إلهيا تواردت عليه الخواطر لأن ما هجست به النفوس من أمر كان وما تخيلته العقول ظهر وبان لأن القلوب طلائع الأقدار، والعقول مرايا الأسرار.
ومن هواجس الإلهام: ما حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن محفل رحمه الله قال: حدثنا عمر بن حماد الفقيه، قال: حدثنا عمر بن محمد بن بحير السمرقندي قال: حدثنا أحمد بن عبد ربه الضبي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن نوح بن عبيد قال: حدثنا عمر بن بكير قال: حدثني أحمد بن القاسم عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رحمة الله عليه قال: لما ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة وذلك بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم بسنين أتى وفود العرب وأشرافها