الملك: ما لك يا نزار، وتفسيره في لغتهم يا مهزول، فغلب عليه هذا الاسم فسمي نزارا، وفيه يقول قمعة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان:
جديسا خلفناه وطسما بأرضه ... فأكرم بنا عند الفخار فخارا
فنحن بنو عدنان خلدان جدنا ... فسماه تستشف الهمام نزارا
فسمى نزارا بعد ما كان اسمه ... لدى العرب خلدان بنوه خيارا
وكان لنزار أربعة أولاد: مضر وربيعة وأياد وأنمار، فلما حضرته الوفاة وصّاهم فقال: يا بني هذه القبة الحمراء وما أشبهها لأياد وهذه الندوة والمجلس وما أشبهه لأنمار فإن أشكل عليكم واختلفتم فعليكم بالأفعى الجرهمي بنجران، فاختلفوا في القسمة فتوجهوا إليه فبينما هم يسيرون إذ رأى مضر كلأ قد رعي، فقال: إن البعير الذي رعى هذا الكلأ لأعور، وقال ربيعة: هو أزور، وقال أياد: هو أبتر، وقال أنمار: هو شرود، فلم يسيروا قليلا حتى لقيهم رجل يوضع على راحلته فسألهم عن البعير، فقال مضر: هو أعور؟ قال: نعم، وقال ربيعة: هو أزور؟ قال: نعم، وقال أياد: هو أبتر؟ قال: نعم، وقال أنمار: هو شرود؟ قال: نعم، وهذه والله صفة بعيري فدلوني عليه، فقالوا:
والله ما رأيناه، قال: قد وصفتموه بصفته فكيف لم تروه، وسار معهم إلى نجران حتى نزلوا بالأفعى الجرهمي، فناداه صاحب البعير: هؤلاء أصحاب بعيري وصفوه لي بصفته وقالوا لم نره، فقال لهم الأفعى الجرهمي: كيف وصفتموه ولم تروه؟ فقال مضر: رأيته يرعى جانبا ويترك جانبا فعرفت أنه أعور، وقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فاسدة الأثر فعرفت أنه أزور، وقال أياد: رأيت بعره مجتمعا فعرفت أنه أبتر، وقال أنمار:
رأيته يرعى المكان الملتف ثم يجوز إلى غيره فعرفت أنه شرود، فقال الجرهمي لصاحب البعير: ليسوا أصحاب بعيرك فاطلب من غيرهم، ثم سألهم من هم؟ فأخبروه أنهم بنو نزار بن معد، فقال: أتحتاجون إليّ وأنتم كما أرى، فدعا لهم لطعام فأكلوا وأكل، وبشراب فشربوا وشرب، فقال مضر:
لم أر كاليوم خمرا أجود لولا أنها نبتت على قبر، وقال ربيعة: لم أر كاليوم لحما أطيب لولا أنه ربي بلبن كلبة، وقال أياد: لم أر كاليوم رجلا أسرى لولا أنه