هو الملك وأبرهة صاحب جيشه على اليمن وأبو مكسوم وزيره وحجر والأسود من قواده فساروا بالجيش مع الفيل حتى نزلوا بذي المجاز وتقدمهم الأسود بن مقصود فاستاق سرح مكة، فقال فيه عبد الله بن مخزوم:
لا هم اخز الأسود بن مقصود ... الآخذ الهجمة بعد التقليد
ويهدم البيت الحرام المعبود ... والمروتين والمشاعر السود
اخزهم يا رب وأنت معبود
كان في السرح مائتا بعير لعبد المطلب وقد قلد بعضها فخرج وكان وسيما جسيما إلى أبرهة وسأله في إبله، فقال له أبرهة: قد كنت أعجبتني حين رأيتك وقد زهدت الآن فيك، قال: ولم؟ قال: جئت لأهدم الكعبة بيتا هو دينك ودين آبائك فلم تسألني فيه وسألتني في إبلك، فقال عبد المطلب: أنا رب إبلي وللبيت رب غيري سيمنعه منك، فقال أبرهة: ما كان ليمنعه مني، ورد على عبد المطلب إبله مستهزئا ليعود فيأخذها، فأحرزها عبد المطلب في جبال مكة وأتى الكعبة فأخذ حلقة الباب وجعل يقول:
يا رب إن المرء يم ... نع حله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم ... ومحالهم أبدا محالك
إن كنت تاركهم وكع ... بتنا فأمر ما بدا لك
فلئن فعلت فإنه ... أمر يتم به فعالك
اسمع بارجس من أرا ... دوا العدو وانتهكوا حلالك
جروا جميع بلادهم ... والفيل كي يسبوا عيالك
عمدوا حماك بكيدهم ... جهلا وما رقبوا جلالك
وتوجه الجيش إلى مكة من طريق منى والفيل معهم إذا بعث على الحرم أحجم وإذا أعدل عنه أقدم فوقعوا بالمغمس، فقال أبو الطيب بن مسعود في ذلك وقيل بل قاله عبد المطلب: