للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبصر أهل مكة بالطير قد أقبلت من ناحية البحر، فقال عبد المطلب.

إن هذه غريبة بأرضنا ما هي نجدية ولا تهامية ولا حجازية وإنها لأشباه اليعاسيب، وكان في مناقيرها وأرجلها حجارة، فلما أظلت على القوم ألقتها عليهم حتى هلكوا فأفلت من القوم أبرهة ورجع إلى اليمن فمات في طريقه بعد أن كان يسقط من جسده عضو عضو حتى هلك، ولما تأخر القوم عنهم واستعجم خبرهم عليهم قال عبد المطلب:

يا رب لا نرجوا لهم سواكا ... يا رب فامنع منهم حماكا

إن عدو البيت من عاداكا ... امنعهم أن يخربوا قراكا

وبعث ابنه عبد الله ليأتيه بخبرهم فوجد جميعهم قد شدختهم الأحجار حتى هلكوا، فعاد راكضا إلى عبد المطلب وأصحابه وأخذوا أموالهم، فكانت أول أموال بني عبد المطلب، فأشنأ مرتجزا يقول:

أنت منعت الجيش والأفيالا ... وقد رعوا بمكة الأخيالا

وقد خشينا منهم القتالا ... وكل أمر لهم معضالا

شكرا وحمدا لك ذا الجلالا

وآية الرسول من قصة الفيل: أنه كان في زمانه حملا في بطن أمه بمكة لأنه ولد بعد خمسين يوما من الفيل وبعد موت أبيه في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول ووافق من شهور الروم العشرين من شباط في السنة الثانية عشرة من ملك هرمز بن أنو شروان.

وحكى أبو جعفر الطبري أن مولده صلى الله عليه وسلم كان لاثنتين وأربعين سنة من ملك أنو شروان (فكانت آيته) في ذلك من وجهين:

أحدهما: أنهم لو ظفروا لسبوا واسترقوا فأهلكهم الله تعالى لصيانة رسوله أن يجري عليه السبي حملا ووليدا.

والثاني: أنه لم يكن لقريش من التأله ما يستحقون به رفع أصحاب الفيل عنهم وما هم أهل كتاب لأنهم كانوا بين عابد صنم أو متدين وثن أو ثائل

<<  <   >  >>