للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صاحبكم» وتكرر فقالوا: لا. وفي حديث آخر: لم نشهد ولم نحضر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«فتحلف لكم يهود» ، وفي حديث آخر: «فتبريكم يهود بخمسين يمينا» . فقالوا: يا رسول الله ليسوا بمسلمين. وفي حديث آخر: كيف نقبل أيمان قوم كفار، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار. قال سهل: لقد ركضتني منها ناقة حمراء. وتكرر الحديث في كتاب مسلم وقال فيه: «تستحقون صاحبكم أو قاتلكم» ، وذكر من طريق مالك: «دم صاحبكم» مثل رواية يحيى، وفي حديث آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته» . وفي البخاري ومسلم: فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من إبل الصدقة، وفي كتاب أبي داود والمصنف: فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته على اليهود لأنه وجد بينهم. وفي البخاري أيضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تأتون بالبينة على من قتله» ، قالوا: ما لنا بينة، قال: «يحلفون» ، قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود. فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه فوداه من إبل الصدقة، وفي مصنف عبد الرزاق: أن النبيّ بدأ بيهود فأبوا أن يحلفوا فرد القسامة على الأنصار، فأبوا أن يحلفوا فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم العقل على اليهود وحويصة ومحيصة ابنا عم القتيل وعبد الرحمن أخوه، وفي مصنف عبد الرزاق:

وهو أول من كانت فيه القسامة في الإسلام «١» .

في هذا من الفقه: القتل بالقسامة لقوله عليه السلام: «أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم» .

وفي الحديث الاخر في كتاب مسلم: «فيدفع برمته» ، وفيه تبدية المدعين بالأيمان بخلاف الحقوق، وفيه ألايقضى بالنكول دون رد الأيمان، وفيه محاربة أهل الذمة إذا منعوا حقا، وفيه أن من بعد عن السلطان ألايشخص ويكتب إلى الموضع الذي هو به، وفيه إباحة كتاب القاضي بغير شهود، وفيه القضاء على الغائب بخلاف قول أهل العراق، وفيه ألايحلف في القسامة رجل واحد، وفيه الحكم على أهل الذمة بحكم الإسلام وإنما أعطى النبيّ صلى الله عليه وسلم الدية من إبل الصدقة من حق الغارمين الذين جعل الله عز وجل لهم سهما في الصدقة إذا لم يتيقن أن يهوديا قتله، وفيه أن يعطي الرجل من الزكاة أكثر من نصاب.

واتفق مالك والشافعي رحمهما الله تعالى على تبدية المدعين الدم بالقسامة إلا أنه لا يقسم عند الشافعي بقول الميت: دمي عند فلان وقال: إذا كانت بين المدعين والمدعى عليهم عداوة كما كانت بين اليهود والمسلمين وجبت القسامة وإلا فلا. وقال ابن لبابة: قول النبيّ صلى الله عليه وسلم «لو يعطى الناس بدعواهم لا دعى قوم دماء قوم وأموالهم» «٢» يبطل التدمية.

وفي مسند البزار: أن قوما احتفروا بئرا بأرض اليمن فسقط فيها الأسد فأصبحوا ينظرون


(١) رواه البخاري (٣١٧٣) و (٦١٤٣) و (٦٨٩٨) ومسلم (١٦٦٩) ، وأبو داود (٤٥٢٠ و ٤٥٢١ و ٤٥٢٣) ، والترمذي (١٤٢٢) ، والنسائي (٨/ ٥ و ١٢) باب تبرئة أهل الدم في القسامة.
(٢) رواه البخاري (٤٥٥٢) ، ومسلم (١٧١١) ، وأبو داود (٣٦١٩) ، والنسائي (٨/ ٢٤٨) ، والترمذي (١٣٤٣) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <   >  >>