للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الميراث شيء» «١» . قال مالك: إذا قتله خطأ ورث من المال، ولم يرث من الدية، وإذا قتله عمدا لم يرث من المال ولا من الدية.

وأجمع العلماء على أن قاتل العمد لا يرث شيئا من مال المقتول، ولا من ديته، وإنما اختلفوا في قتل الخطأ كما تقدم الذكر.

«حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم» في وصية مسلم شهد عليه نصراني وفي غلام قطعت أذنه وفي إقطاع الصلح وفيمن وجد مع امرأته رجلا

في تفسير ابن سلام قال الكلبي: كان رجل مولى لبني سهم انطلق في تجارة ومعه تميم الداري ورجل آخر، قال- في الدلائل للأصيلي- وهو ابن براء، قال في التفسير: وهما نصرانيان فلما حضر السهمي الموت كتب وصية وجعلها في متاعه، ثم دفعها إليهما فقال: بلّغا هذا أهلي. فانطلقا لوجههما الذي توجها إليه، وفتشا متاع الرجل بعد موته، فأخذا ما أعجبهما منه، ثم رجعا بالمال إلى أهل الميت، فلما فتش القوم المال فقدوا بعض ما خرج به صاحبهم معه، ونظروا في الوصية فوجدوا المال تاما، فكلّموا تميما وصاحبه فقالوا: هل باع صاحبنا شيئا؟ فقالا: لا، فقالوا: هل مرض فطال مرضه فأنفق على نفسه؟ فقالا: لا- علم لنا بما كان في وصيته، ولكنه دفع إلينا المال فبلّغناكموه. فرفعوا الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الاية:

إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ [المائدة: الاية ١٠٦] إلى آخرها. فحلفا عند منبر النبيّ صلى الله عليه وسلم دبر صلاة العصر، ثم خلّى سبيلهما، فاطلع على إناء من فضة منقوش مموّه بذهب عند تميم- قال في الدلائل: وجد بمكة، وقال غيره: بيع بألف درهم، فأخذ تميم خمسمائة، وعدي بن براء خمسمائة- فقالوا: هذا من آنية صاحبنا الذي بدا بها معه، وقد زعمتما أنه لم يبع شيئا ولم يشتره، فقالا: إنا كنا قد اشتريناه ونسينا أن نخبركم به، فرفع أمرهما إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ [المائدة: الاية ١٠٧] . فقام رجلان من أولياء الميت وهما: عبد الله بن عمرو، والمطلب بن أبي وداعة فحلفا: أن ما في وصيته حق، ولقد خانه تميم وصاحبه، فأخذ تميم وصاحبه بما وجد في وصيته لما اطلع الله عليه من خيانتهما «٢» .


(١) رواه الدارقطني (٤/ ٩٦ و ٢٣٧) ، والبيهقي (٦/ ٢٢) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم. وهو حديث حسن.
(٢) رواه بنحوه الترمذي (٣٠٥٩) وقال: هذا حديث غريب. وليس إسناده بصحيح. من حديث ابن عباس. وانظر ابن كثير (ج/ ١/ ١١١) باب قوله تعالى: إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ [المائدة: الاية ١٠٦] .

<<  <   >  >>