للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لها كانت أمها خديجة أدخلتها بها على أبي العاصي حين بنى عليها: «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا» ، قالوا: نعم يا رسول الله. فأطلقوه وردوا عليها المال والقلادة «١» .

قيل: إنما فعل النبيّ صلى الله عليه وسلم هذا في زينب لأنه رقّ لها إذ لم يكن تمام الفداء إلا بقلادة كانت لأمها خديجة جهزتها بها، ولم يكن لأبي العاصي مال وإنما كانت عنده أموال لقريش وبضائع يتجهز بها ردها إليهم كلها على ما تقدم ذكره. وقال للأنصار: «لا تدعوا من فداء العباس درهما» لأنه كان غنيا، وذلك أنه ذكر ابن قتيبة وغيره أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال للعباس: «إفد نفسك وابني أخويك عقيلا ونوفلا، وحليفك فإنك ذو مال» . فقال: إني مسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الله أعلم بإسلامك إن كان ما تقول حقا فالله يجزيك، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا» . فقال:

إنه ليس لي مال. قال: «فأين المال الذي وضعته عند أم الفضل بمكة حين خرجت وليس معكما أحد ثم قلت إن أصبت في سفري هذا فللفضل كذا ولعبد الله كذا» . قال: والذي بعثك بالحق ما علم بهذا أحد غيرها، وإني أعلم أنك رسول الله، ففدى نفسه بمائة أوقية وكل واحد بأربعين أوقية. هكذا قال ابن القاسم وابن إسحاق وقال: تركتني أسأل الناس في كفي، وأسلم العباس وأمر عقيلا فأسلم، ولم يسلم من الأسارى غيرهما «٢» .

وفي معاني النحاس قال العباس: أسرت ومعي عشرون أوقية فأخذت مني فعوضني الله منها عشرين عبدا، ووعدني المغفرة. وفي الهداية: لما أسرت ومعي أربعون أوقية كل أوقية من أربعين مثقالا فعوضني الله أربعين عبدا، ووعدني المغفرة.

وفي موطأ مالك عن أبي النضر: أن أبا مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب، واسمها فاختة قاله ابن وضّاح. وقيل: هند. قاله ابن هشام. وقيل: رحلة. قال البرقي أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره بثوب. قالت: فسلمت فقال: «من هذه؟» فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب فقال: «مرحبا بأم هانئ» ، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات متلحفا في ثوب واحد ثم انصرف فقلت: يا رسول الله زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجلا أجرته فلان ابن هبيرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد


(١) رواه أبو داود (٢٦٩٣) ، والحاكم (٣/ ٢٣٦ و ٣٢٤) ، والبيهقي في السنن (٦/ ٣٢٢) من حديث عائشة رضي الله عنها وهو حديث حسن.
(٢) رواه أحمد في المسند (٣٣١٠) ، والطبراني في الكبير (١١٣٩٨) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ٢٨) وقال: رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار ورجال الأوسط رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع. ورواه الحاكم في المستدرك (٣/ ٣٢٤) ، والبيهقي في السنن (٦/ ٣٢٢) وصححه الحاكم وقال الذهبي في التلخيص: صحيح على شرط مسلم. من حديث عائشة رضي الله عنها ويشهد له ما عليه.

<<  <   >  >>