للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

همَّة كالثريا وجَدٌ حضيض

بعض النَّاس يقول لك: أمَّا عن الهمَّة فلا تسأل، أبيت الليالي لا أنام، أذاكر الساعات الطوال، ولكنِّي لا أرزق الثمرة.

ولسان حاله كقول أبي تمام:

همَّة تنطح الثريا وجدٌ ... آلف للحضيض فهو حضيض

ويجيبك ابن الجوزي فيقول:

فالجواب: أنه إذا امتنع الرزق من نوع، لم يمتنع من نوع آخر، ثمَّ من البعيد أن يرزقك همَّة ولا يعينك، فانظر في حالك فلعله أعطاك شيئًا ما شكرته، أو ابتلاك بشيء من الهوى ما صبرت عنه.

واعلم أنه ربما زوى عنك من لذات الدنيا كثيراً؛ ليؤثرك بلذات العلم، فإنَّك ضعيف ربما لا تقوى على الجمع، فهو أعلم بما يصلحك " أهـ (١)

فيا عبد الله فتِّش على أسباب الخلل فتدراكها، اتهم نيتك، انظر لنعم الله عليك وقصورك في شكرها، انظر لابتلاءات الله لك كيف كان صنيعك فيها، هل صبرت أو جزعت؟ فإذا حرمت الرزق فبذنبك، وتذكر دائمًا قول الله تعالى: ... " أليس الله بأعلم بالشاكرين " [الأنعام/٥٣] فربَّما حرمت لأنَّك لن تستطيع شكر هذه النعمة، فإنَّ الله لا يظلم مثقال ذرة، والله لا يظلم النَّاس شيئًا ولكنَّ النَّاس أنفسهم يظلمون.


(١) صيد الخاطر ص (٢٠٨).

<<  <   >  >>