للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو نظري، فأعمال المتقدمين ـ في إصلاح دنياهم ودينهم ـ على خلاف أعمال المتأخرين؛ وعلومهم في التحقيق أقعد.

فتحقق الصحابة بعلوم الشريعة ليس كتحقق التابعين، والتابعون ليسوا كتابعيهم، وهكذا إلى الآن، ومن طالع سيرهم وأقوالهم وحكاياتهم أبصر العجب في هذا المعنى.

وأما الخبر ففي الحديث: " خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " (١).

وفي هذا إشارة إلى أن كل قرن مع ما بعده كذلك.

وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أول دينكم نبوة ورحمة، ثم ملك ورحمة، ثم ملك وجبرية، ثم ملك عضوض " (٢) ولا يكون هذا إلا مع قلة الخير، وتكاثر الشر شيئًا بعد شيء.

أخي الحبيب ..

هكذا فاطلب العلم من أهله المتحققين به، واصبر على ذلك، ولا تتعجل، ابحث عن العلماء، واجلس بين أيديهم، وخذ من هديهم وسمتهم وأدبهم، والزمهم السنين الطوال، فطول الملازمة مهم ونافع،


(١) أخرجه البخاري (٢٦٥١) (٢٦٢٥) ك الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور بلفظ " خيركم قرني "، والرواية الثانية بلفظ " خير الناس "، ومسلم (٢٥٣٣) ك فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.
(٢) أخرجه إبراهيم الحربي عن أبي ثعلبة، وقد ذكره الشاطبي في الاعتصام ولم يذكر منزلته من الصحة، وبنحوه أخرجه الدارمي في سننه (٢١٠١) ك الأشربة، باب ما قيل في السكر.

<<  <   >  >>