للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحرفا لو حدثتكموه لقتلتموني قال: وظننا أن فيه ذكر محمد صلى الله عليه وسلم فكتمناه، وكان البحر قد رمى بسفينة إلى ساحل جدة: أي الذي به جدة الآن، وكان ساحل مكة قبل ذلك الذي يرمي به السفن يقال له الشعيبية بضم الشين، فلا يخالف قول غير واحد، فلما كانت السفينة بالشعيبية ساحل مكة انكسرت. وفي لفظ حبسها الريح، وتلك السفينة كانت لرجل من تجار الروم اسمه باقوم وكان بانيا.

وقيل كانت تلك السفينة لقيصر ملك الروم يحمل له فيها الرخام والخشب والحديد، سرحها مع باقوم إلى الكنيسة التي حرقها الفرس بالحبشة، فلما بلغت مرساها من جدة، وقيل من الشعيبية بعث الله تعالى عليها ريحا فحطمها: أي كسرها.

فخرج الوليد بن المغيرة في نفر من قريش إلى السفينة فابتاعوا خشبها، فأعدوه لسقف الكعبة. وقيل هابوا هدمها من أجل تلك الحية العظيمة، فكانوا كلما أرادوا القرب منه أي البيت ليهدموه بدت لهم تلك الحية فاتحة فاها، فبينا هي ذات يوم تشرف على جدار الكعبة كما كانت تصنع بعث الله طائرا أعظم من النسر، فاختطفها وألقاها في الحجون فالتقمتها الأرض، قيل وهي الدابة التي تكلم الناس يوم القيامة.

وقد جاء أن الدابة تخرج من شعب أجياد.

وفي حديث «أن موسى عليه السلام سأل ربه أن يريه الدابة التي تكلم الناس فأخرجها له من الأرض، فرأى منظرا هاله وأفزعه، فقال: أي رب ردها فردها» .

فقالت قريش عند ذلك: إنا لنرجو أن يكون الله تعالى قد رضي ما أردنا: أي بعد أن اجتمعوا عند المقام، وعجوا إلى الله تعالى: ربنا لن نراع، أردنا تشريف بيتك وتزيينه، فإن كنت ترضى بذلك فأتمه واشغل عنا هذا الثعبان يعنون الحية، وإلا فما بدا لك فافعل، فسمعوا في السماء صوتا ووجبة وإذا بالطائر المذكور أخذها وذهب بها إلى أجياد، فقالوا ما ذكر، وقالوا: عندنا عامل رفيق وعندنا أخشاب، وقد كفانا الله الحية وذلك العامل هو باقوم الرومي الذي كان بالسفينة وكان بانيا كما تقدم، فإنهم جاؤوا به معهم إلى مكة، أو هو باقوم مولى سعيد بن العاص وكان نجارا، وتلك الأخشاب هي التي اشتروها من تلك السفينة التي كسرت.

أقول: ومع أخذ الطائر لتلك الحية يجوز أن يقال هابوا هدمها حتى قدم عليه الوليد بن المغيرة، فلا مخالفة بين ما تقدم عن ابن إسحق وبين هذا الظاهر في أنهم هدموها عند أخذ الطائر لتلك الحية ولم يهابوا هدمها حتى فعل الوليد ما تقدم، والله أعلم.

أي ثم لما أرادوا بنيانها تجزأتها قريش: أي بعد أن أشار عليهم بذلك أو وهب

<<  <  ج: ص:  >  >>