وفي جبهة الدوسي ثم بسوطه ... جعلت ضياء مثل شمس منيرة
قال: فأتاني أبي فقلت له: إليك عني يا أبت فلست مني ولست منك، فقال:
لم يا بني؟ قلت: قد أسلمت وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: أي بني ديني دينك، فأسلم، أي بعد أن قال له: اغتسل وطهر ثيابك ففعل، ثم جاء فعرض عليه الإسلام ثم أتتني صاحبتي فذكرت لها مثل ذلك: أي قلت لها إليك عني فلست منك ولست مني، قد أسلمت وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم، قالت: فديني دينك فأسلمت، ثم دعوت دوسا إلى الإسلام أبطؤوا علي. ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، قد غلبني دوس وفي رواية «قد غلبني على دوس الزنا، فادع الله عليهم فقال: اللهم اهد دوسا» قال زاد في رواية «وأت بهم، فقال الطفيل: فرجعت فلم أزل بأرض قومي أدعوهم إلى الإسلام حتى هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومضى بدر وأحد والخندق» اهـ فأسلموا، قال: فقدمت بمن أسلم من قومي عليه صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر سبعين أو ثمانين بيتا من دوس: أي ومنهم أبو هريرة، فأسهم لنا مع المسلمين أي مع عدم حضورهم القتال اهـ.
أقول: قال في النور: وفي الصحيح ما ينفي هذا «وإنه لم يعط أحدا لم يشهد القتال إلا أهل السفينة الجائين من أرض الحبشة جعفرا ومن معه: أي ومنهم الأشعريون أبو موسى الأشعري وقومه، فقد تقدم أنهم هاجروا من اليمن إلى الحبشة، ثم جاؤوا إلى المدينة.
وفيه أنه سيأتي أنه صلى الله عليه وسلم سأل أصحابه أن يشركوهم معهم في الغنيمة ففعلوا وسيأتي أنه إنما أعطى أهل السفينة: أي والدوسين على ما علمت من الحصنين اللذين فتحا صلحا، فقد أعطاهما مما أفاء الله عليه لا من الغنيمة، وسؤال أصحابه في إعطائهم من المشهورة العامة المأمور بها في قوله تعالى وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران: الآية ١٥٩] لا لاستنزالهم عن شيء من حقهم، والله أعلم.
[باب ذكر الإسراء والمعراج وفرض الصلوات الخمس]
اعلم أنه لا خلاف في الإسراء به صلى الله عليه وسلم إذ هو نص القرآن على سبيل الإجمال، وجاءت بتفصيله وشرح أعاجيبه أحاديث كثيرة عن جماعة من الصحابة من الرجال والنساء نحو الثلاثين: أي ومن ثم ذهب الحاتمي الصوفي إلى أن الإسراء وقع له صلى الله عليه وسلم ثلاثين مرة، فجعل كل حديث إسراء. واتفق العلماء على أن الإسراء كان بعد البعثة اهـ: أي الإسراء الذي كان في اليقظة بجسده صلى الله عليه وسلم، فلا ينافي حديث البخاري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه «أن الإسراء كان قبل أن يوحى إليه صلى الله عليه وسلم» لأن ذلك كان في نومه بروحه، فكان هذا الإسراء توطئة له وتيسيرا عليه، كما كان بدء نبوته صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة.