أي وكان صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: اغزوا بسم الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، والوليد الصبي، أي ما لم يقاتل كالنساء وإلا قتلوا.
وفي رواية:«لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة» ، وهذا عند العمد، فلا ينافي أنه يجوز الإغارة على المشركين ليلا وإن لزم على ذلك قتل الصبيان والنساء والشيوخ.
فقد روى الشيخان:«سئل صلى الله عليه وسلم عن المشركين يبيتون، أي يغار عليهم ليلا فيصيبون من نسائهم وذراريهم؟ فقال: هم منهم» وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ولا سمع ولا طاعة في معصية الله» وكان صلى الله عليه وسلم يعتذر عن تخلفه عن تلك السرايا ويقول: «والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب نفوسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده، لوددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل» .
ومن جملة وصيته صلى الله عليه وسلم لمن يوليه على سرية «وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم» .
ومن جملة قوله صلى الله عليه وسلم للسرايا:«بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا» ولما بعث صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل وأبا موسى رضي الله تعالى عنهما إلى اليمن قال لهما: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا» .
[سرية حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه]
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه حمزة في ثلاثين رجلا من المهاجرين، قيل ومن الأنصار، وفيه نظر لأنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث من الأنصار إلا بعد أن غزا بهم بدرا، أي وذلك في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من الهجرة، وعقد له صلى الله عليه وسلم لواء أبيض.
وهو أول لواء عقد في الإسلام، حمله أبو مرثد بفتح الميم وإسكان الراء ثم مثلثة مفتوحة: حليف حمزة رضي الله تعالى عنه، ليعترض عيرا لقريش جاءت من الشام تريد مكة، وفيها أبو جهل لعنه الله في ثلاثمائة رجل، وقيل في مائة وثلاثين، فصار رضي الله تعالى عنه إلى أن وصل سيف البحر، أي بكسر السين المهملة وإسكان المثناة تحت ثم فاء: ساحله من ناحية العيص، أرض من جهينة فصادف العير هناك،