أسيافنا في رجله ورأسه ونزف به الدم، فتخلف عنا: أي وناداهم: اقرئوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام، فعطفوا عليه واحتملوه. وفي رواية تخلف عن أصحابه فافتقدوه ورجعوا إليه فاحتملوه. قال محمد بن مسلمة رضي الله عنه: فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الليل وهو قائم يصلي، فسلمنا عليه، فخرج إلينا وأخبرناه بقتل عدوّنا، وتفل على جرح صاحبنا فلم يؤلمه.
قال: وفي رواية أنهم حزوا رأس كعب وحملوا ذلك الرأس ثم خرجوا يشتدّون، فلما بلغوا بقيع الغرقد كبروا، وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تلك الليلة، فلما سمع تكبيرهم بالبقيع كبر وعرف أنهم قد قتلوا عدوّ الله، وخرج إلى باب المسجد فجاؤوا فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا على باب المسجد، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلحت الوجوه، قالوا: أفلح وجهك يا رسول الله، ورموا برأسه بين يديه، فحمد الله على قتله، أي وعند ذلك أصبحت يهود مذعورين، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: قتل سيدنا غيلة، فذكر لهم النبي لله صنيعه من التحريض عليه وأذيته المسلمين فازدادوا خوفا.
[سرية عبد الله بن عتيك رضي الله عنه لقتل أبي رافع]
سلام بالتخفيف ابن أبي الحقيق على وزن نصير بالتصغير وبالحاء المهملة الخزرجي: أي وفي البخاري: أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق، ويقال له سلام بن أبي الحقيق، كان بخيبر، وكان تاجر أهل الحجاز.
لما قتلت الأوس: أي عبد الله بن مسلمة وأبو نائلة ومن تقدم معهما كعب بن الأشرف تذاكر الخزرج من يشابه كعب بن الأشرف في العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الخزرج، فذكروا أبا رافع سلام بن أبي الحقيق، أي لأنه كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أي وعن عروة أنه كان ممن أعان غطفان وغيرهم من مشركي العرب بالمال الكثير على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي حزب الأحزاب يوم الخندق، لأن الأوس والخزرج كانا يتنافسان فيما يقرّب إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا تفعل الأوس شيئا من ذلك إلا فعلت الخزرج نظيره وبالعكس، ويقولون: والله لا يذهبون بهذا قتيلا علينا في الإسلام، فانتدب لقتله خمسة من الخزرج منهم عبد الله بن عتيك، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة، واستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك: أي في أن يتكلموا بما يتوصلون به إليه من الحيلة، فأذن لهم وأمر عليهم عبد الله بن عتيك وأمرهم أن لا يقتلوا وليدا ولا امرأة فخرجوا حتى أتوا خيبر فتسوروا دار أبي رافع ليلا، فلم يدعوا بيتا في الدار إلا أغلقوه على أهله، وكان أبو رافع في علية لها درجة، أي سلم من الخشب من محل يصعد عليه إلى تلك العلية، فطلعوا في تلك الدرجة حتى قاموا