ثم إن عبد الملك بن مروان رفع الجدران وسقفه بالساج، ثم إن الوليد بن عبد الملك نقض ذلك، ونقل إليه الأساطين الرخام، وسقفه بالساج المزخرف، وأزر المسجد بالرخام، ثم زاد فيه المنصور ورخم الحجر، ثم زاد فيه المهدي أولا وثانيا حتى صارت الكعبة في وسط المسجد.
وفي أيام المعتضد أدخلت دار الندوة في المسجد، وتسمى مكة فاران، وتسمى قرية النمل لكثرة نملها، أو لأن الله سلط فيها النمل على العماليق لما أظهروا فيها الظلم حتى أخرجهم من الحرم كما تقدم، ولها أسماء كثيرة قد أفردها صاحب القاموس بمؤلف.
أقول: وسيأتي عن الإمام النووي أنه قال: ليس في البلاد أكثر أسماء من مكة والمدينة، والله أعلم.
قال: وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: «خلقت الكعبة أي موضعها قبل الأرض بألفي سنة، كانت حشفة على الماء، عليها ملكان يسبحان، فلما أراد الله تعالى أن يخلق الأرض دحاها منها، فجعلها في وسط الأرض» انتهى.
وسئل الجلال السيوطي رضي الله تعالى عنه عن قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ [الأعراف: ٥٤] هل كانت أيام ثم موجودة قبل خلق السموات والأرض؟.
فأجاب: بأن خلق السموات والأرض وخلق الأيام كان دفعة واحدة من غير تقديم لأحدهما على الآخر، واستند في ذلك لمأثور التفسير.
وفي الحديث «إن الله حرم مكة قبل أن يخلق السموات والأرض» الحديث.
وحينئذ فقوله صلى الله عليه وسلم:«إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام حرم مكة» معناه أظهر حرمتها.
باب: ما جاء من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحبار اليهود وعن الرهبان من النصارى وعن الكهان من العرب على ألسنة الجان وعلى غير ألسنتهم، وما سمع من الهواتف ومن بعض الوحوش ومن بعض الأشجار، وطرد الشياطين من استراق السمع عند مبعثه بكثرة تساقط النجوم، وما وجد من ذكره صلى الله عليه وسلم مكتوبا من النبات والأحجار وغيرهما
قال ابن إسحق: وكانت الأحبار من يهود والرهبان من النصارى والكهان من العرب قد تحدثوا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه لما تقارب زمانه. أما الأحبار من