وفيه أن نوحا عليه الصلاة والسلام تكلم عقب ولادته، فإن أمه ولدته في غار خوفا على نفسها وعليه فلما وضعته وأرادت الانصراف قالت وانوحاه، فقال لها لا تخافي أحدا علي يا أماه، فإن الذي خلقني يحفظني.
وفيه أن أم موسى عليه الصلاة والسلام لما وضعت موسى استوى قاعدا وقال:
يا أماه لا تخافي، أي من فرعون، إن الله معنا.
ومبارك اليمامة قال بعض الصحابة، دخلت دارا بمكة فرأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت فيها عجبا: جاءه رجل بصبي يوم ولد وقد لفه في خرقة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم، يا غلام من أنا؟ قال الغلام بلسان طلق: أنت رسول الله، قال صدقت بارك الله فيك.
ثم إن الغلام لم يتكلم بشيء فكنا نسميه مبارك اليمامة. وكانت هذه القصة في حجة الوداع، وكان صلى الله عليه وسلم يناغي القمر وهو في مهده: أي يحدثه يقال ناغت المرأة الصبي إذا كلمته بما يسره ويعجبه، وعد ذلك من خصائصه. ففي حديث فيه مجهول، وقيل فيه إنه غريب المتن والإسناد، عن عمه العباس رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله دعاني إلى الدخول في دينك إشارة أي علامة نبوتك، رأيتك في المهد تناغي القمر: أي تحدثه، فتشير إليه بأصبعك، فحيثما أشرت إليه مال قال: كنت أحدثه ويحدثني، ويلهيني عن البكاء، وأسمع وجبته: أي سقطته حين يسجد تحت العرش أي ولم أقف على سنه صلى الله عليه وسلم حين ذلك، وكان مهده صلى الله عليه وسلم يتحرك بتحريك الملائكة، وعده ابن سميع رحمه الله تعالى من خصائصه.
[باب: تسميته صلى الله عليه وسلم محمدا وأحمدا]
لا يخفى أن جميع أسمائه صلى الله عليه وسلم مشتقة من صفات قامت به توجب له المدح والكمال، فله من كل وصف اسم. قال: وكما أن الله عزّ وجل ألف اسم للنبي صلى الله عليه وسلم ألف اسم. عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو الباقر، من بقر العلم، أتقنه قال: أمرت آمنة أي في المنام وهي حامل برسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسميه أحمد وعن ابن إسحق رحمه الله أن تسميه محمد وقد تقدم قال: والثاني هو المشهور في الروايات أي وعلى الأول اقتصر الحافظ الدمياطي رحمه الله.
والمسمي له بمحمد جده عبد المطلب. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
«لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عقّ عنه: أي يوم سابع ولادته جده بكبش وسماه محمدا؟
فقيل له: يا أبا الحرث ما حملك على أن تسميه محمدا ولم تسمه باسم آبائه. وفي لفظ: وليس من أسماء آبائك ولا قومك؟ قال: أردت أن يحمده الله في السماء وتحمده الناس في الأرض» اهـ.