للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض المسلمين فقتله، أي وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم بعث لبني كلاب وكتب إليهم في رق فلم ينقادوا للإسلام، وغسلوا الخط من الرق، وخاطوه تحت دلوهم، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: ما لهم؟ أذهب الله عقولهم، فصار لا يوجد أحد منهم إلا مختلّ العقل، مختلط الكلام بحيث لا يفهم كلامه.

[سرية علقمة بن مجزز رضي الله تعالى عنهما]

بضم الميم وفتح الجيم وزايين الأولى مكسورة مشددة المدلجيّ: أي وهو ولد القائف الذي قاف في حق زيد بن حارثة وأسامة رضي الله تعالى عنهما وقال: إن بعض هذه الأقدام من بعض، فهو صحابي ابن صحابي، إلى جمع من الحبشة، بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا من الحبشة تراآهم أهل جدة: أي في مراكب، وجدة بضم الجيم وتشديد الدال المهملة: قرية، سميت بذلك لبنائها على ساحل البحر، لأن الجدة شاطىء البحر، فبعث إليهم علقمة بن مجزز رضي الله تعالى عنهما في ثلاثمائة، فخاض بهم البحر حتى أتوا إلى جزيرة في البحر فهربوا، أي ورجعوا، ولم يلق كيدا. ثم لما كانوا في أثناء الطريق أذن علقمة رضي الله تعالى عنه لجماعة أن يعجلوا وأمر عليهم أحدهم، فنزلوا ببعض الطريق وأوقدوا نارا يصطلون عليها، فقال لهم أميرهم: عزمت عليكم إلا تواثبتم: أي وقعتم في هذه النار، فقام بعض القوم فحجزوا حتى ظن أنهم واثبون فيها، فقال: اجلسوا إنما كنت أضحك معكم، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه» .

قال: وعن علي كرم الله وجهه قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا فأغضبوه في شيء، فقال:

اجمعوا لي حطبا، فجمعوا له، ثم قال: أوقدوا نارا فأوقدوها، ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى، قال: فادخلوها، فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا: إنا فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار، فكان كذلك حتى سكن غضبه وطفئت النار، فلما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا له ذلك، فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا. وقال صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة في معصية الله، وإنما الطاعة في المعروف» انتهى، أي والضمير في «دخلوها» للنار التي أوقدت، والضمير في منها لنار الآخرة، لأن الدخول فيها معصية والعاصي يستحق النار، فالمقصود من ذلك الزجر.

وفي رواية: «من أمركم منهم» أي من الأمراء «بمعصية الله فلا تطيعوه» وفي لفظ: «لا طاعة في معصية الله» ولا مانع من تكرر هذه الواقعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>