يزرع له صلى الله عليه وسلم. ولما أعطى المهاجرين أمرهم بردّ ما كان للأنصار لاستغنائهم عنهم ولأنهم لم يكونوا ملكوهم ذلك، وإنما كانوا دفعوا لهم تلك النخيل لينتفعوا بثمرها، وظنت أم أيمن أن ذلك ملك لها فامتنعت من رده، أي لأن أم أنس كانت أعطته صلى الله عليه وسلم نخلات، فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أيمن ولم ينكر عليها ذلك تطيبيا لقلبها لكونها حاضنته، وصار يعطيها وهي تمتنع من رده إلى أن أعطاها عشرة أمثاله أو قريبا من ذلك.
وذكر هذا في بني النضير يخالف ما في مسلم أن ذلك كان عند فتح خيبر، حيث ذكر أنه صلى الله عليه وسلم لما فرغ من قتال أهل خيبر وانصرف إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارها، وذكر قصة أم أيمن، فليتأمل والله أعلم.
[غزوة ذات الرقاع]
أي وتسمى غزوة الأعاجيب: أي لما وقع فيها من الأمور العجيبة، وغزوة محارب وغزوة بني ثعلبة، وغزوة بني أنمار.
عن ابن إسحاق رحمه الله: ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بني النضير شهر ربيع الأول. وقال غيره: شهري ربيع وبعض جمادى. ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة، حين بلغه صلى الله عليه وسلم أنهم جمعوا الجموع: أي من غطفان لمحاربته، فخرج صلى الله عليه وسلم في أربعمائة من أصحابه رضي الله عنهم، أي وقيل سبعمائة وقيل ثمانمائة.
أي واحتج البخاري رحمه الله على أن هذه الغزاة كانت بعد خيبر بما رواه عن أبي موسى رضي الله عنه مما يدل على أن أبا موسى شهد غزاة ذات الرقاع، وهو «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر بيننا بعير، فنقبت أقدامنا، نقبت قدماي وسقطت أظفاري، فكنا نلف على أرجلنا الخرق: فسميت غزاة ذات الرقاع.
وإذا ثبت أن أبا موسى شهد غزاة ذات الرقاع، وثبت أنه لم يجىء إليه صلى الله عليه وسلم من الحبشة إلا بخيبر لزم أن تكون غزوة ذات الرقاع بعد خيبر، إلا أن يدعي تعدد غزوة ذات الرقاع مرتين، وأنها كانت قبل خيبر وبعدها، والتي وجدت فيها صلاة الخوف هي الثانية. أي والسبب في تسميتها ذات الرقاع ما تقدم عن أبي موسى رضي الله عنه، وحيث كانت بعد خيبر يلزم أن تكون بعد الخندق، لقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: صلاة الخوف في غزوة الخندق لم تكن شرعت، أي لأنها لو كانت شرعت لصلاها صلى الله عليه وسلم، ولم يؤخر الصلاة كما سيأتي، وسيأتي الجواب عن ذلك.
وقد ذكرها الشمس الشامي رحمه الله تعالى بعد خيبر، والأصل لم يذكر ما