من لاقى. قلت وأنا خارج غدا، فلما أيقن بمخرجي خلا به أخوه، فأصبح فأرسل إليّ، فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعا، وصدقا، وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم، وكانا لي عونا على من خالفني.
[ذكر كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هوذة]
بالذال المعجمة، وقيل بالدال المهملة. قال في النور: ولا أظنه إلا سبق قلم- صاحب اليمامة- أي وزاد بعضهم: وإلى ثمامة بن أثال الحنفيين ملكي اليمامة، وفيه نظر، لأن ثمامة رضي الله تعالى عنه كان مسلما حينئذ على يد سليط بفتح السين المهملة ابن عمرو العامري أي لأنه كان يختلف إلى اليمامة، وبعث معه كتابا فيه:
«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي، سلام على من اتبع الهدى. واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر: أي حيث تقطع الإبل والخيل، فأسلم تسلم، وأجعل لك ما تحت يديك» فلما قدم عليه سليط بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مختوما أنزله وحياه، وقرأ عليه الكتاب فردّ ردا دون ردّ. فكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله، وأنا شاعر قومي وخطيبهم، والعرب تهاب مكاني فاجعل إليّ بعض الأمر أتبعك، وأجاز سليطا رضي الله تعالى عنه بجائزة، وكساه أثوابا من نسج هجر، فقدم بذلك كله على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم كتابه، وقال: لو سألني سيابة، أي بفتح السين المهملة وتخفيف المثناة من تحت وموحدة مفتوحة: أي قطعة من الأرض ما فعلت، باد وباد ما في يديه.
فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتح جاءه جبريل عليه الصلاة والسلام.
فأخبره بأن هوذة قد مات، فقال صلى الله عليه وسلم: أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ يقتل بعدي، أي فقال قائل: يا رسول الله من يقتله؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت وأصحابك، فكان كذلك.
أقول: هذا يدل على أن القائل له صلى الله عليه وسلم ذلك هو خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه، فإن أبا بكر رضي الله تعالى عنه وجهه أميرا على الجيش الذي أرسله لمقاتلة مسيلمة لعنه الله، وتقدم الخلاف في قاتله. والمشهور أنه وحشي قاتل حمزة رضي الله تعالى عنهما، وكان سن هوذة مائة وخمسين سنة.
ويذكر أن هوذة هذا كان عنده عظيم من عظماء النصارى حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما قال، فقال له: لم لا تجيبه؟ قال: أنا ملك قومي، ولئن اتبعته لم أملك، فقال: بلى والله لئن اتبعته ليملكنك، وإن الخيرة لك في اتباعه، وإنه النبي العربي الذي بشر به عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وإنه لمكتوب عندنا في الإنجيل محمد رسول الله الحديث.