صنع زيد رضي الله تعالى عنه ركبوا وجاؤوا إلى زيد وقال له رجل منهم: إنا قوم مسلمون، فقال له زيد اقرأ أمّ الكتاب فقرأها، ثم قدم منهم جماعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه الخبر وقال بعضهم: يا رسول الله لا تحرم علينا حلالا، ولا تحل لنا حراما، فقال: كيف أصنع بالقتلى؟ فقال: أطلق لنا من كان حيا ومن قتل فهو تحت قدمي هاتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق، فقالوا: ابعث معنا رجلا لزيد رضي الله تعالى عنه، فبعث صلى الله عليه وسلم معهم عليا كرم الله وجهه يأمر زيدا أن يخلي بينهم وبين حرمهم وأموالهم، أي فقال عليّ: يا رسول الله إن زيدا لا يطيعني، فقال: خذ سيفي هذا، فأخذه وتوجه، فلقي علي كرم الله وجهه رجلا أرسله زيد رضي الله تعالى عنه مبشرا على ناقة من إبل القوم، فردها علي كرم الله وجهه على القوم، وأردفه خلفه، ولقي زيدا فأبلغه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وعند ذلك قال له زيد، ما علامة ذلك؟
فقال: هذا سيفه صلى الله عليه وسلم فعرف زيد السيف وصاح بالناس فاجتمعوا، فقال: من كان معه شيء فليرده، فهذا سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد الناس كافة كل ما أخذوه انتهى.
أقول: وهذا السياق يدل على أن جميع ما أخذه من النعم والشاء والسبي كان لمن أسلم من جذام من بني الضبيب، وإن بعض من قتل مع الهنيد وابنه كان مسلما، وفي ذلك من البعد ما لا يخفى، والله أعلم.
[سرية أمير المؤمنين أبي بكر الصديق رضي الله عنه لبني فزارة كما في صحيح مسلم بوادي القرى]
عن سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله تعالى عنه إلى فزارة وخرجت معه حتى إذا صلينا الصبح أمرنا فشنينا الغارة فوردنا الماء. فقتل أبو بكر: أي جيشه من قتل، ورأيت طائفة منهم الذراري، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل، فأدركتهم ورميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلما رأوا السهم وقفوا وفيهم امرأة: أي وهي أم قرفة عليها قشع من أدم: أي فروة خلقة معها ابنتها من أحسن العرب، فجئت بهم أسوقهم إلى أبي بكر، فنفلني أبو بكر رضي الله تعالى عنه ابنتها، فلم أكشف لها ثوبا، فقدمنا المدينة، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك: أي أبوك لله خالصا حيث أنجب بك وأتى بمثلك، يقال ذلك في مقام المدح والتعجب: أي وقد كان وصف له صلى الله عليه وسلم جمالها، فقلت: هي لك يا رسول الله، فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ففدى بها أسرى من المسلمين كانوا في أيدي المشركين.
وفي لفظ: فدى بها أسيرا كان في قريش من المسلمين، كذا ذكر الأصل أن