للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جابر رضي الله تعالى عنه قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نجني الكباث» بكاف فباء موحدة مفتوحتين فثاء مثلثة: أي وهو النضيج من ثمر الأراك، وفي الحديث «عليكم بالأسود من ثمر الأراك فإنه أطيبه، فإني كنت أجتنيه إذ كنت أرعى الغنم. قلنا:

وكيف ترعى الغنم يا رسول الله؟ قال: نعم، وما من نبي إلا وقد رعاها» اهـ.

أقول: وحينئذ لا ينبغي لأحد عير برعاية الغنم أن يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم، فإن قال ذلك أدب، لأن ذلك كما علمت كما في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام دون غيرهم، فلا ينبغي الاحتجاج به، ويجرى ذلك في كل ما يكون كمالا في حق النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره كالأمية، فمن قيل له أنت أمي فقال كان النبي صلى الله عليه وسلم أميا يؤدب، والله أعلم.

[باب: حضوره صلى الله عليه وسلم حرب الفجار]

أي بكسر الفاء بمعنى المفاجرة كالقتال بمعنى المقاتلة، وهو فجار البرّاض بفتح الباء الموحدة وتشديد الراء وضاد معجمة عن ابن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قد حضرته» يعني الحرب المذكورة «مع عمومتي، ورميت فيه بأسهم، وما أحب أني لم أكن فعلت» وكان له من العمر أربع عشرة سنة: أي وهذا الفجار الرابع.

وأما الفجار الأول فكان عمره صلى الله عليه وسلم حينئذ عشر سنين. وسببه أي هذا الفجار الأول أن بدر بن معشر الغفاري كان له مجلس يجلس فيه بسوق عكاظ ويفتخر على الناس، فبسط يوما رجله وقال: أنا أعز العرب، فمن زعم أنه أعز مني فليضربها بالسيف، فوثب عليه رجل فضربه بالسيف على ركبته فأندرها: أي أسقطها وأزالها، وقيل جرحه جرحا يسيرا. قال بعضهم: وهو الأصح، فاقتتلوا.

وسبب الفجار الثاني أن امرأة من بني عامر كانت جالسة بسوق عكاظ فأطاف بها شاب من قريش من بني كنانة فسألها أن تكشف وجهها فأبت فجلس خلفها وهي لا تشعر وعقد زيلها بشوكة، فلما قامت انكشف دبرها فضحك الناس منها فنادت المرأة يا آل عامر، فثاروا بالسلاح ونادى الشاب يا بني كنانة، فاقتتلوا. وقوله:

«فسألها أن تكشف وجهها فأبت» يدل على أن النساء في الجاهلية كنّ يأبين كشف وجوههن.

وسبب الفجار الثالث أنه كان لرجل من بني عامر دين على رجل من بني كنانة فلواه به: أي مطله فجرت بينهما مخاصمة، فاقتتل الحيان.

وقد ذكر أن عبد الله بن جدعان تحمل ذلك الدين في ماله، وكان ذلك سببا لانقضاء الحرب. وقيل لم يقاتل صلى الله عليه وسلم في فجار البراض، وعليه اقتصر في الوفاء: أي

<<  <  ج: ص:  >  >>