للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدل سلام الله عليكم، فرخص لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقول: سلام عليكم أو السلام عليكم، هذا كلامه فليتأمل، فإن هذا يقتضي أن الصيغة الأصلية في السلام سلام الله عليكم، مع أن الصيغة في السلام إما السلام عليكم أو سلام عليكم، وكذا عليكم السلام، ولم تذكر أئمتنا تلك الصيغة.

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها: «شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما وأم أيمن عنده، فقالت: يا رسول الله اسقني، فقلت لها ألرسول الله صلى الله عليه وسلم تقولين هذا؟ فقالت: ما خدمته أكثر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدقت، فسقاها» .

وذكر بعض المؤرخين أن بركة هذه من سبي الحبشة أصحاب الفيل وكانت سوداء: أي لونها أسود، ولهذا خرج ابنها أسامة في السواد: أي وكان أبوه زيد أبيض، ومن ثم كان المنافقون يطعنون في نسب أسامة، ويقولون: هذا ليس هو ابن زيد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتشوش من ذلك.

وقد روى الشيخان عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: «دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم مسرورا، فقال: ألم تري أن مجززا المدلجي قد دخل علي فرأى أسامة وزيدا عليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وقد بدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض» وقد جعل أئمتنا ذلك أصلا لوجوب الأخذ بقول القائف في إلحاق النسب.

قال الأبي رحمه الله: والمعروف أن الحبشية إنما هي بركة أخرى جارية أم حبيبة، قدمت معها من الحبشة، وكانت تكنى أم يوسف، كانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم أي وهي التي شربت بوله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي.

قيل وورث صلى الله عليه وسلم من أبيه مولاه شقران، وكان عبدا حبشيا فأعتقه بعد بدر. وقيل اشتراه من عبد الرحمن بن عوف وأعتقه. وقيل بل وهبه عبد الرحمن بن عوف له صلى الله عليه وسلم.

[باب ذكر مولده صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم]

عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا أي مقطوع السرة. وجاء «أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين ولد نزل جبريل عليه السلام وقطع سرته، وأذن في أذنه، وكساه ثوبا أبيض» وولد نبينا صلى الله عليه وسلم مختونا أي على صورة المختون: أي مكحولا ونظيفا ما به قذر.

أقول: أي لم يصاحبه قذر وبلل، فلا ينافي جواز وجود البلل والقذر بعده: أي في زمن إمكان النفاس، فلا يستدل بذلك على أن أمه صلى الله عليه وسلم لم تر نفاسا، فإن النفاس عندنا معاشر الشافعية هو البلل الحاصل بعد الولادة في زمن إمكانه، وهو قبل مضي

<<  <  ج: ص:  >  >>