للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمع بين بدر والحديبية هو الواقع لحاطب.

وفي الطبراني عن رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر «والذي نفسي بيده لو أن مولودا ولد في فقه أربعين سنة من أهل الدين يعمل بطاعة الله تعالى كلها ويجتنب معاصي الله كلها إلى أن يرد إلى أرذل العمر أو يردّ إلى أن لا يعلم بعد علم شيئا لم يبلغ أحدكم هذه الليلة» .

وكان صلى الله عليه وسلم يكرم أهل بدر ويقدمهم على غيرهم. ومن ثم جاء جماعة من أهل بدر للنبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في صفة ضيقة ومعه جماعة من أصحابه فوقفوا بعد أن سلموا ليفسح لهم القوم فلم يفعلوا، فشق قيامهم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لمن لم يكن من أهل بدر من الجالسين: قم يا فلان، قم يا فلان بعدد الواقفين، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الكراهة في وجه من أقامه، فقال: «رحم الله رجلا يفسح لأخيه، فنزل قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا [المجادلة: الآية ١١] الآية فجعلوا يقومون لهم بعد ذلك» أي ولعل المراد يجلسونهم مكانهم.

وفي الخصائص الصغرى: وخصّ أهل بدر من أصحابه صلى الله عليه وسلم بأن يزادوا في الجنازة على أربع تكبيرات تمييزا لهم لفضلهم.

وقد ذكر أن عمر بن عبد العزيز بن مروان كان يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله ليسمع منه، فبلغ عبيد الله أن عمر ينتقص عليا رضي الله تعالى عنه، فأتاه عمر فأعرض عبيد الله عنه وقام ليصلي، فجلس عمر ينتظره، فلما سلم أقبل عليه، وقال له: متى بلغك أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم، ففهمها عمر وقال:

معذرة إلى الله وإليك، والله لا أعود، فما سمع بعد ذلك يذكر عليا كرّم الله وجهه إلا بخير.

[غزوة بني سليم]

ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من بدر لم يقم إلا سبع ليال حتى غزا بنفسه، يريد بني سليم. واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري أو ابن أم مكتوم.

أي وفي رواية أبي داود لأن استخلاف ابن أم مكتوم إنما كان على الصلاة بالمدينة دون القضايا والأحكام، فإن الضرير لا يجوز له أن يحكم بين الناس، لأنه لا يدرك الأشخاص ولا يثبت الأعيان، ولا يدري لمن يحكم ولا على من يحكم، أي فأمر القضايا والأحكام يجوز أن يكون فرضه صلى الله عليه وسلم لسباع فلا مخالفة. فلما بلغ ماء من مياههم يقال له الكدر، أي وقيل لهذا الماء الكدر، لأن به طيرا في ألوانها كدرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>