لا يقال: فحيث كانت مسلمة فكيف زوّجها من أبي العاص وهو كافر. لأنا نقول على فرض أنه صلى الله عليه وسلم زوّجها له بعد البعث فقد زوجها له قبل نزول قوله تعالى:
وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة: الآية ٢٢١] لأن تلك الآية نزلت بعد صلح الحديبية كما علمت. على أن ابن سعد ذكر أنه صلى الله عليه وسلم زوّجها له في الجاهلية: أي قبل البعثة، والله أعلم.
[سرية زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنهما إلى بني ثعلبة]
أي بالطرف ككتف: اسم ماء.
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلا: أي بالطرف، فأصاب عشرين بعيرا وشاء، واقتصر الحافظ الدمياطي على النعم، ولم يذكر الشاء ولم يجد أحدا، لأنهم ظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إليهم، فصبح زيد رضي الله تعالى عنه بالنعم والشاء المدينة، أي وقد خرجوا في طلبه فأعجزهم وكان شعارهم الذي يتعارفون به في ظلمة الليل «أمت أمت» .
[سرية زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنهما إلى جذام]
محل يقال له حسمى بكسر الحاء المهملة وسكون السين على وزن فعلى. وهو موضع وراء وادي القرى، يقال إن الطوفان أقام بذلك المحل بعد نضوبه: أي ذهابه ثمانين سنة.
وسببها أن دحية الكلبي رضي الله تعالى عنه أقبل من عند قيصر ملك الروم، أي وكان صلى الله عليه وسلم وجهه إليه كذا قيل، ولعله من تصرف بعض الرواة، أو أنه أرسله إليه بغير كتاب، وإلا فإرساله إليه بالكتاب كان بعد هذه السرية، لأنه كان بعد الحديبية.
ولما وصل رضي الله تعالى عنه إليه أجازه بمال وكساء فأقبل بذلك إلى أن وصل ذلك المحل، فلقيه الهنيد وابنه في ناس من جذام فقطعوا عليه الطريق وسلبوه ما معه، ولم يتركوا عليه إلا ثوبا خلقا، فسمع بذلك نفر من جذام من بني الضبيب:
أي ممن أسلم منهم فنفروا إليهم، واستنفذوا لدحية رضي الله تعالى عنه ما أخذ منه، وقدم دحية على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فبعث زيد بن حارثة في خمسمائة رجل وردّ معه دحية، وكان زيد رضي الله تعالى عنه يسير بالليل ويكمن بالنهار ومعه دليل من بني عذرة فأقبل حتى هجم على القوم: أي على الهنيد وابنه ومن كان معهم مع الصبح، فقتلوا الهنيد وابنه ومن كان معهم، وأخذوا من النعم ألف بعير، ومن الشاء خمسة آلاف، ومن السبي مائة من النساء والصبيان. قال: ولما سمع بنو الضبيب بما