للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجوت أن لا يسلمك إلا خير. قلت: يا رسول الله ادع الله لي أن يغفر لي تلك المواطن التي كنت أشهدها عليك، فقال صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما كان قبله» أي وتقدم عثمان وعمرو فأسلما.

وفي رواية عن عمرو بن العاص قال: قدمنا المدينة فأنخنا بالحرة فلبسنا من صالح ثيابنا ثم نودي بالعصر، فانطلقنا حتى اطلعنا عليه صلى الله عليه وسلم وإن لوجهه تهللا والمسلمون حوله قد سروا بإسلامنا؛ تقدم خالد بن الوليد فبايع، ثم تقدم عثمان بن طلحة فبايع، ثم تقدمت فو الله ما هو إلا أن جلست بين يديه صلى الله عليه وسلم، فما استطعت أن أرفع طرفي حياء منه صلى الله عليه وسلم، قال: فبايعته على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ولم يحضرني ما تأخر، فقال: «إن الإسلام يجب ما كان قبله، والهجرة تجب ما كان قبلها» فو الله ما عدل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخالد بن الوليد أحدا من الصحابة في أمر حربه منذ أسلمنا، ولقد كنا عند أبي بكر رضي الله تعالى عنه بتلك المنزلة، ولقد كنت عند عمر رضي الله تعالى عنه بتلك الحالة، وكان عمر رضي الله تعالى عنه على خالد كالعاتب، وتقدم أن عمرا رضي الله تعالى عنه أسلم على يد النجاشي رضي الله تعالى عنه.

قال بعضهم: وفي إسلام عمرو على يد النجاشي لطيفة وهي صحابي أسلم على يد تابعي. ولا يعرف مثله. ومن حين أسلم خالد رضي الله تعالى عنه لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوليه أعنة الخيل فيكون في مقدمها. والله أعلم.

[عمرة القضاء أي ويقال لها عمرة القضية]

أي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضى قريشا عليها، أي صالحهم عليها، ومن ثم قيل لها عمرة الصلح، ويقال لها عمرة القصاص. قال السهيلي رحمه الله: وهذا الاسم أولى بها، لقوله تعالى الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ [البقرة: الآية ١٩٤] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: فتحصل من أسمائها أربعة: القضاء، والقضية، والصلح، والقصاص: أي لأنها كانت في شهر ذي القعدة من السنة السابعة، أي وهو الشهر الذي صدّه فيه المشركون عن البيت منها سنة ست، وليست قضاء عن العمرة التي صدّ عن البيت فيها. فإنها لم تكن فسدت بصدهم له عن البيت، بل كانت عمرة تامة معدودة في عمره صلى الله عليه وسلم التي اعتمرها صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، وهي أربعة: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرّانة لما قسم غنائم حنين، والعمرة التي قرنها مع حجه في حجة الوداع بناء على ما هو الراجح من أنه كان قارنا، ولكنها في ذي القعدة إلا التي كانت مع حجه.

وقد مكث صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجا من مكة إلى الحلّ في تلك المدة أصلا، ولم يفعل هذا على عهده صلى الله عليه وسلم إلا عائشة رضي الله

<<  <  ج: ص:  >  >>