بتشديد الراء: اسم ماء، أي وسماها الحاكم غزوة أنمار، ويقال إنها غزوة غطفان.
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا يقال له دعثور بضم الدال وإسكان العين المهملتين ثم مثلثة مضمومة ابن الحارث: أي الغطفاني من بني محارب جمع جمعا من ثعلبة ومحارب بذي أمر: أي وهو موضع من ديار غطفان، أي ولعل به ذلك الماء المسمى بما ذكر كما تقدم، يريدون أن يصيبوا من أطراف المدينة، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أربعمائة وخمسين رجلا لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان، وأصاب أصحابه رجلا منهم: أي يقال له جبار، وقيل حباب بكسر الحاء المهملة وبالباء الموحدة من بني ثعلبة، فأدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره من خبرهم، أي وقال له: لن يلاقوك ولو سمعوا بمسيرك إليهم هربوا في رؤوس الجبال، وأنا سائر معك، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم للإسلام فأسلم وضمه صلى الله عليه وسلم إلى بلال، أي وأخذ به ذلك الرجل طريقا وهبط به عليهم، فسمعوا بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم فهربوا في رؤوس الجبال: أي فبلغوا ماء يقال له ذو أمر، فعكسر به صلى الله عليه وسلم، وأصابهم مطر أي كثير بلّ ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثياب أصحابه فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبيه ونشرهما على شجرة ليجفا، واضطجع أي بمرأى من المشركين واشتغل المسلمون في شؤونهم فبعث المشركون دعثورا الذي هو سيد القوم وأشجعهم المجمع لهم:
أي فقالوا له: قد انفرد محمد فعليك به أي وفي لفظ أنه لما رآه قال: قتلني الله إن لم أقتل محمدا، فجاء دعثور ومعه سيفه حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: من يمنعك مني اليوم؟ وفي رواية الآن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله، ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده، أي بعد وقوعه على ظهره، فأخذ السيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: من يمنعك مني؟ قال لا أحد، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. وفي رواية وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، ثم أتى قومه أي بعد أن أعطاه صلى الله عليه وسلم سيفه فجعل يدعوهم إلى الإسلام، وأخبرهم أنه رأى رجلا طويلا دفع في صدره فوقع على ظهره، فقال: علمت أنه ملك فأسلمت، ونزلت هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ [المائدة: الآية ١١] الآية، ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق حربا، وكانت مدة غيبته إحدى عشرة ليلة.