في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم. قال ابن الجوزي: من خواصه أنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام.
وأول من أحدثه من الملوك صاحب أربل وصنف له ابن دحية كتابا في المولد سماه «التنوير بمولد البشير النذير» فأجازه بألف دينار، وقد استخرج له الحافظ ابن حجر أصلا من السنة، وكذا الحافظ السيوطي، وردا على الفاكهاني المالكي في قوله إن عمل المولود بدعة مذمومة.
[باب ذكر رضاعه صلى الله عليه وسلم وما اتصل به]
يقال إنه صلى الله عليه وسلم ارتضع من ثمانية من النساء، وقيل من عشرة بزيادة: خولة بنت المنذر، وأم أيمن عزيزة قالت: أول من أرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثويبة: أي بعد إرضاع أمه له كما سيأتي، قال: وثويبة هي جارية عمه أبي لهب، وقد أعتقها حين بشرته بولادته صلى الله عليه وسلم: أي فإنها قالت له: أما شعرت أن آمنة ولدت ولدا. وفي لفظ غلاما لأخيك عبد الله، فقال لها: أنت حرة، فجوزي بتخفيف العذاب عنه يوم الاثنين، بأن يسقى ماء في جهنم في تلك الليلة: أي ليلة الاثنين، في مثل النقرة التي بين السبابة والإبهام اهـ: أي أن سبب تخفيف العذاب عنه يوم الاثنين ما يسقاه تلك الليلة في تلك النقرة.
ويذكر أن بعض أهل أبي لهب: أي وهو أخوه العباس رضي الله تعالى عنه رآه في النوم في حالة سيئة، فعن العباس رضي الله تعالى عنه قال: مكثت حولا بعد موت أبي لهب لا أراه في نوم، ثم رأيته في شرّ حال: فقلت له: ماذا لقيت. فقال له أبو لهب: لم أذق بعدكم رخاء. وفي لفظ: فقال له بشر خيبة، بفتح الخاء المعجمة، وقيل بكسر الخاء: وهي سوء الحال، غير أني سقيت في هذه وأشار إلى النقرة المذكورة بعتاقتي ثويبة، ذكره الحافظ الدمياطي.
والذي في المواهب: وقد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم: فقيل له: ما حالك؟ فقال في النار، إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين، وأمصّ من بين أصبعيّ هاتين ماء، وأشار برأس أصبعيه، وأن ذلك بإعتاقي لثوبية عند ما بشرتين بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وبإرضاعها له فليتأمل.
وقيل إنه إنما أعتقها لما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة: أي فإن خديجة رضي الله تعالى عنها كانت تكرمها وطلبت من أبي لهب أن تبتاعها منه لتعتقها فأبى أبو لهب، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أعتقها أبو لهب.