هو محمد صلى الله عليه وسلم (ابن عبد الله) ومعنى عبد الله: الخاضع الذليل له تعالى، وقد جاء «أحب أسمائكم» وفي رواية: «أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن» وجاء «أحب الأسماء إلى الله ما تعبد به» وقد سمي صلى الله عليه وسلم بعبد الله في القرآن، قال الله تعالى: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ [الجنّ: الآية ١٩] وعبد الله هذا هو (ابن عبد المطلب) ويدعى شيبة الحمد لكثرة حمد الناس له: أي لأنه كان مفزع قريش في النوائب وملجأهم في الأمور، فكان شريف قريش وسيدها كمالا وفعالا من غير مدافع. وقيل: قيل له شيبة الحمد، لأنه ولد وفي رأسه شيبة: أي وفي لفظ كان وسط رأسه أبيض، أو سمي بذلك تفاؤلا بأنه سيبلغ سن الشيب قيل اسمه عامر، وعاش مائة وأربعين سنة: أي وكان ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية وكان مجاب الدعوة، وكان يقال له الفياض لجوده، ومطعم طير السماء لأنه كان يرفع من مائدته للطير والوحوش في رؤوس الجبال. قال:
وكان من حلماء قريش وحكمائها، وكان نديمه حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف والد أبي سفيان، وكان في جوار عبد المطلب يهودي فأغلظ ذلك اليهودي القول على حرب في سوق من أسواق تهامة، فأغرى عليه حرب من قتله، فلما علم عبد المطلب بذلك ترك منادمة حرب، ولم يفارقه حتى أخذ منه مائة ناقة دفعها لابن عم اليهودي حفظا لجواره، ثم نادم عبد الله بن جدعان انتهى ملخصا.
وقيل له عبد المطلب، لأن عمه المطلب لما جاء به صغيرا من المدينة أردفه خلفه: أي وكان بهيئة رثة: أي ثياب خلقة، فصار كل من يسأل عنه ويقول من هذا؟
يقول عبدي أي حياء أن يقول ابن أخي، فلما دخل مكة أحسن من حاله وأظهر أنه ابن أخيه وصار يقول لمن يقول له عبد المطلب: ويحكم إنما هو شيبة ابن أخي هاشم لكن غلب عليه الوصف المذكور فقيل له عبد المطلب: أي وقيل لأنه تربى في حجر عمه المطلب، وكان عادة العرب أن تقول لليتيم الذي يتربى في حجر أحد هو عبده وكان عبد المطلب يأمر أولاده بترك الظلم والبغي، ويحثهم على مكارم الأخلاق، وينهاهم عن دنيئات الأمور.
وكان يقول: لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم منه وتصيبهم عقوبة إلى أن هلك رجل ظلوم من أهل الشام لم تصبه عقوبة، فقيل لعبد المطلب في ذلك، ففكر وقال: والله إن وراء هذه الدار دارا يجزى فيها المحسن بإحسانه، ويعاقب المسيء بإساءته: أي فالمظلوم شأنه في الدنيا ذلك، حتى إذا خرج من الدنيا ولم تصبه