للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحمل الشدائد، ومن هذه الملاطفة قوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وقد نام وترب جنبه «قم يا أبا تراب» وقوله صلى الله عليه وسلم لحذيفة في غزوة أحد وقد نام إلى الأسفار «قم يا نومان» .

وذكر الشيخ محيي الدين بن العربي في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) [المدثر: الآية ١- ٢] اعلم أن التدثر إنما يكون من البرودة التي تحصل عقب الوحي، وذلك أن الملك إذا ورد على النبي صلى الله عليه وسلم بعلم أو حكم تلقى ذلك الروح الإنساني، وعند ذلك تشتعل الحرارة الغريزية فيتغير الوجه لذلك، وتنتقل الرطوبات إلى سطح البدن لاستيلاء الحرارة فيكون من ذلك العرق، فإذا سريّ عنه ذلك سكن المزاج، وانقشعت تلك الحرارة، وانفتحت تلك المسام، وقبل الجسم الهواء من خارج، فيتحلل الجسم، فيبرد المزاج، فتأخذه القشعريرة فتزاد عليه الثياب ليسخن هذا ملخص كلامه.

وذكر بعضهم في تفسير قوله تعالى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) [المدّثّر: الآية ٤] أن الشيخ أبا الحسن الشاذلي نفعنا الله تعالى ببركاته قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقال:

يا أبا الحسن طهر ثيابك من الدنس، تحظ بمدد الله تعالى في كل نفس، فقلت: يا رسول الله وما ثيابي؟ قال: إن الله كساك حلة التوحيد وحلة المحبة وحلة المعرفة، قال:

ففهمت حينئذ قوله تعالى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) .

وجاء في وصف إسرافيل في بعض الأحاديث «لا تفكروا في عظم ربكم، ولكن تفكروا فيما خلق الله من الملائكة، فإن خلقا من الملائكة يقال له إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله، وقدماه في الأرض السفلى، وقد مرق رأسه من سبع سموات، وإنه ليتضاءل من عظمة الله تعالى حتى يصير كأنه الوصع» فهو عند نزوله يكون حاملا لزاوية العرش أو يخلفه غيره من الملائكة في ذلك.

[باب: ذكر وضوئه وصلاته صلى الله عليه وسلم أول البعثة]

أي أول الإرسال إليه باقرأ.

أقول: في المواهب «أنه روي أن جبريل عليه الصلاة والسلام بدا له صلى الله عليه وسلم في أحسن صورة وأطيب رائحة، فقال له: يا محمد إن الله تعالى يقرئك السلام، ويقول لك: أنت رسول الله إلى الجن والإنس فادعهم إلى قول: لا إله إلا الله، ثم ضرب برجله الأرض فنبعت عين ماء، فتوضأ منها جبريل، ثم أمره أن يتوضأ، وقام جبريل يصلي، وأمره أن يصلي معه، فعلمه الوضوء والصلاة» الحديث.

وقوله «فعلمه الوضوء» يحتمل أن يكون بفعله المذكور. ويحتمل أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>