فمنعونا، وقالوا لم تقاتلون في الشهر الحرام؟ فقال بعضنا لبعض: ما ترون؟ فقال بعضنا نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره، وقال بعض آخر لا نقيم ههنا، وقلت أنا في أناس معي: بل نأتي عير قريش فنقطعها، فانطلقنا إلى العير وانطلق بعض أصحابنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه الخبر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان محمرا وجهه، فقال: جئتم متفرقين وإنما أهلك من قبلكم الفرقة، لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم أصبركم على الجوع والعطش، فبعث علينا عبد الله بن جحش أميرا فأمره علينا لنذهب إلى جهة نخلة بين مكة والطائف» .
[سرية عبد الله بن جحش رضي الله تعالى عنه إلى بطن نخلة]
قال: لما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الأخيرة، قال لعبد الله بن جحش واف مع الصبح معك سلاحك أبعثك وجها، فوافاه الصبح ومعه قوسه وجعبته ودرقته، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاة الصبح وجده واقفا عند بابه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب، فدخل عليه، فأمره فكتب كتابا ثم دعا عبد الله بن جحش رضي الله تعالى عنه، فدفع إليه الكتاب، وقال له: قد استعملتك على هؤلاء النفر اهـ. أي وكان قبل ذلك بعث عليهم عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فلما ذهب لينطلق بكى صبيانه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث عليهم عبد الله وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمير المؤمنين، أي فهو أول من تسمى في الإسلام بأمير المؤمنين ثم بعده عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ولا ينافي ذلك قول بعضهم: أول من تسمى في الإسلام بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، لأن المراد أول من تسمى بذلك من الخلفاء أو أن هذا أمير جميع وذاك أمير من معه من المؤمنين خاصة.
فقد جاء أن عمر رضي الله تعالى عنه كان يكتب أولا: من خليفة أبي بكر، فاتفق أن عمر رضي الله تعالى عنه أرسل إلى عامل العراق أن يبعث إليه برجلين جلدين يسألهما عن أهل العراق، فبعث إليه بعبد بن ربيعة وعدي بن حاتم الطائي، فقدما المدينة ودخلا المسجد فوجدا عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه، فقالا:
استأذن لنا على أمير المؤمنين، فقال عمرو: أنتما والله أصبتما اسمه، فدخل عليه عمرو وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: ما بدا لك في هذا الاسم؟
فأخبره الخبر وقال: أنت الأمير ونحن المؤمنون، فأول من سماه بذلك عبد بن ربيعة وعدي بن حاتم. وقيل أول من سماه بذلك المغيرة بن شعبة، وحينئذ صار يكتب:
من عبد الله عمر أمير المؤمنين، فقد كتب رضي الله تعالى عنه بذلك إلى نيل مصر، فإن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه لما فتح مصر ودخل شهر بؤنة من شهور