قال: وعلى هذا القول لا ينبغي أن يذكر في الصحابة، وإلا كان كل من أسلم في حياته صلى الله عليه وسلم، ثم ارتد، أي ومات مرتدا يذكر في الصحابة، أي ولا قائل بذلك.
ثم رأيت الذهبي قال في عمارة بن قيس بن الحارث الشيباني إنه ارتد، وقتل مرتدا في خلافة أبي بكر، وبهذا خرج عن أن يكون صحابيا بكل حال.
[سرية أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه إلى أبنى]
بضم الهمزة ثم موحدة، ثم نون مفتوحة مقصورة: اسم موضع بين عسقلان والرملة.
وفي كلام السهيلي رحمه الله: وهي قرية عند مؤتة التي قتل عندها زيد بن حارثة، رضي الله تعالى عنهما.
لما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة أمر صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لغزو الروم، فلما كان من الغد دعا صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد فقال: سر إلى موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش، فاغز صباحا على أهل أبنى، وحرق عليهم، وأسرع السير لتسبق الأخبار، فإن ظفرك الله عليهم فأقل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء وقدم العيون والطلائع معك.
فلما كان يوم الأربعاء بدأ به صلى الله عليه وسلم وجعه فحم وصدع، فلما أصبح يوم الخميس عقد صلى الله عليه وسلم لأسامة لواء بيده، ثم قال: اغز باسم الله وفي سبيل الله، وقاتل من كفر بالله، فخرج رضي الله تعالى عنه بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة، وعسكر بالجرف، فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا اشتد لذلك، منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنهم، فتكلم قوم وقالوا:
يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين والأنصار، أي لأن سن أسامة رضي الله تعالى عنه كان ثمان عشرة، وقيل تسع عشرة سنة، وقيل سبع عشرة سنة.
ويؤيد ذلك أن الخليفة المهدي لما دخل البصرة رأى إياس بن معاوية الذي ضرب به المثل في الذكاء وهو صبي وخلفه أربعمائة من العلماء وأصحاب الطيالسة.
فقال المهدي: أف لهذه العثانين، أما كان فيهم شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث، ثم التفت إليه المهدي وقال: كم سنك يا فتى؟ فقال: سني. أطال الله بقاء أمير المؤمنين. سن أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنهم لما ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا فيه أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما. فقال: تقدم، بارك الله فيك، وكان سنة سبع عشرة سنة.
ومما يؤثر عنه: من لم يعرف عيبه فهو أحمق، فقيل له ما عيبك يا أبا واثلة؟