أي لأنه هرب لما رأى الجيش كما سيأتي في الوفود «قالت: ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني حتى إذا كان من الغد قلت له كذلك وقال لي مثل ذلك، ففي اليوم الثالث أشار إليّ رجل خلفه بأن كلميه فكلمته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد فعلت فلا تعجلي حتى يجيء من قومك من يكون لك ثقة يبلغك إلى بلادك، فآذنيني أي أعلميني وسألت عن الرجل الذي أشار عليّ بكلامه، فقيل لي إنه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قالت: فصبرت حتى قدم عليّ من أثق به، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة قالت فكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحملني، وأعطاني نفقة، فخرجت حتى قدمت الشام على أخي» انتهى.
[سرية علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إلى بلاد مذحج]
بفتح الميم وإسكان الذال المعجمة ثم حاء مهملة مكسورة ثم جيم كمسجد:
أبو قبيلة من اليمن.
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا كرم الله وجهه إلى بلاد مذحج من أرض اليمن في ثلاثمائة فارس، وعقد له لواء وعممه بيده وقال: امض ولا تلتفت، فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلونك، فكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد، ففرق أصحابه رضي الله تعالى عنهم، فأتوا بنهب بفتح النون وغنائم وأطفال ونساء ونعم وشاء وغير ذلك، وجعل على الغنائم بريدة بن الحصيب بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، ثم لقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ورموا بالنبل والحجارة فصف أصحابه، ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان، ثم حمل عليهم فقتل منهم عشرين رجلا فانهزموا وتفرقوا، فكف عن طلبهم، ثم دعاهم إلى الإسلام، فأسرع إلى إجابته ومتابعته نفر من رؤسائهم وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا، وهذه صدقاتنا، فخذ منها حق الله تعالى. وجمع عليّ كرم الله وجهه الغنائم فجزأها على خمسة أجزاء، فكتب في سهم منها لله، وأقرع عليها فخرج أول السهام سهم الخمس، وقسم الباقي على أصحابه، ثم رجع علي كرم الله وجهه فوافى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قدمها للحج، أي حجة الوداع.
وذكر بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم بعث عليا كرم الله وجهه في سرية إلى اليمن، فأسلمت همدان كلها في يوم واحد، فكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قرأ كتابه خر ساجدا ثم جلس، فقال: السلام على همدان، وتتابع أهل اليمن إلى الإسلام. قال في الأصل: إن هذه السرية هي الأولى وما قبلها السرية الثانية.