عتيك: ثم عدت وقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ قال لأمك الويل، إن رجلا في البيت ضربني بالسيف فعمدت إليه فضربته أخرى فلم تغن شيئا فتواريت ثم جئته كهيئة المغيث وغيرت صوتي، وإذا هو مستلق على ظهره فوضعت السيف في بطنه وتحاملت عليه حتى سمعت صوت العظم، ثم جئت إلى الدرجة فوقعت، فانكسرت رجلي فعصبتها بعمامتي فانطلقت إلى أصحابي، وقلت النجاة قد قتل الله أبا رافع، فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته. فقال: ابسط رجلك فمسحها فكأني لم أشتكها قط، وعادت كأحسن ما كانت انتهى، أي وهذا ما في البخاري.
وفيه في رواية أخرى أن ابن عتيك قال: لما وضعت السيف في بطنه وتحاملت عليه حتى سمعت صوت العظم خرجت دهشا حتى أتيت السلم: أي الذي صعدت فيه أريد أن أنزل فأسقطت منه فانخلعت رجلي، فعصبتها، فأتيت أصحابي أحجل.
فقلت: انطلقوا فبشروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني لا أبرح حتى أسمع الناعية، فلما كان في وجه الصبح صعد الناعية، فقال أنعى أبا رافع، فقمت أمشي ما بي قلبة، فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبشرته.
وفي سيرة الحافظ الدمياطي أنهم مكثوا في ذلك المحل الذي استخفوا فيه يومين حتى سكن عنهم الطلب. وينبغي النظر إلى وجه الجمع بين ما ذكر.
[سرية زيد بن حارثة رضي الله عنهما إلى القردة]
بفتح القاف والراء، وقيل بالفاء مفتوحة، وقيل بكسرها وسكون الراء، وقدمه في الأصل على الأول: اسم ماء.
وسببها أن قريشا لما كانت وقعة بدر خافوا الطريق التي كانوا يسلكونها إلى الشام من على بدر، فسلكوا طريقا أخرى من جهة العراق. فخرج عير لهم فيه أموال كثيرة جدا من تلك الطريق يريدون الشام، واستأجروا رجلا يدلهم على الطريق، وكان ذلك الرجل ممن هرب من أسارى بدر. وفي ذلك العير من أشراف قريش: أبو سفيان، وصفوان بن أمية، وعبد الله بن أبي ربيعة، وحويطب بن عبد العزى. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في مائة راكب، وهي أول سرية لزيد بن حارثة خرج فيها أميرا، فصادف تلك العير على ذلك الماء فأصاب العير، وأفلت القوم وأسروا دليلهم.
وقدم زيد رضي الله عنه بتلك العير على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخمسها فبلغ الخمس ما قيمته عشرون ألف درهم، وأتي بذلك الأسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له إن تسلم تترك: أي من القتل. فأسلم فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامه بعد ذلك.