للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن تلك الرؤوس لم تحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، على أن فيه أنه لم يحمل إليه ذلك اليوم إلا رأس أبي جهل على ما تقدم.

[سرية الرجيع]

وفي الأصل: بعث الرجيع. بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة، وقيل ستة عيونا إلى مكة يتجسسون أخبار قريش ليأتوه بها، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري رضي الله تعالى عنه، ويقال له ابن أبي الأفلح بالفاء، وقيل أمر عليهم مرثدا الغنوي رضي الله عنه حليف عمه صلى الله عليه وسلم حمزة رضي الله عنه، ومرثد بفتح الميم وإسكان الراء وبالمثلثة. والغنوي بغين معجمة: أي وكان مرثد هذا يحمل الأسرى ليلا من مكة حتى يأتي بهم المدينة، فوعد رجلا من الأسرى بمكة أن يحمله، قال: فجئت به حتى انتهيت به إلى الحائط من حيطان مكة في ليلة مقمرة، فجاءت عناق وكانت من جملة البغايا بمكة، فرأت ظلي في جانب الحائط، فلما انتهت إليّ عرفتني قالت:

مرثد؟ قلت مرثد، قالت: مرحبا وأهلا هلم تبت عندنا الليلة، فقلت: يا عناق إن الله حرم الزنا، فدلت عليّ، فخرج في أثري ثمانية رجال، فتواريت في كهف الخندمة فجاؤوا حتى وقفوا على رأسي، فأعماهم الله عني، فلما رجعوا رجعت لصاحبي، فحملته وكان رجلا ثقيلا حتى انتهيت إلى محل فككت عنه قيده، ثم جعلت أحمله حتى قدمت المدينة، ثم استشرته صلى الله عليه وسلم أن أنكح عناقا، فأمسك عني حتى نزلت الآية:

الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣) [النّور: الآية ٣] فدعاني صلى الله عليه وسلم فتلاها عليّ، ثم قال لي: لا تتزوجها.

وفي قطعة التفسير للجلال المحلي أن الآية نزلت في بغايا المشركين لما همّ فقراء المهاجرين أن يتزوجوهن وهن موسرات لينفقن عليهم، فقيل التحريم خاص بهم، وقيل عام، ونسخ بقوله: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ [النور: الآية ٣٢] الآية.

وفيه أن عند فقهائنا يحرم على المسلم نكاح من تعبد الأوثان وإن لم تكن بغيا.

ومن جملة العشرة عبد الله بن طارق وخبيب بن عدي وخبيب تصغير خب:

وهو الماكر من الرجال الخدّاع، وزيد بن الدثنة بفتح الدال المهملة وكسر الثاء المثلثة وقد تسكن ثم نون مفتوحة ثم تاء تأنيث مقلوب من الندثة. والندث: استرخاء اللحم، فخرجوا رضي الله عنهم: أي يسيرون الليل ويكمنون النهار، حتى إذا كانوا بالرجيع: وهو ماء لهذيل لقيهم سفيان بن خالد الهذلي الذي قتله عبد الله بن أنيس وجاء برأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم وقومه- وهم بنو لحيان- فإنهم ذكروا لهم فنفروا إليهم فيما يقرب من مائة رام، أي ولا يخالف ما في الصحيح قريبا من مائة

<<  <  ج: ص:  >  >>