ثم رأيت الأصل تبع في ذلك شيخه الحافظ الدمياطي حيث قال سرية زيد بن حارثة إلى وادي القرى في رجب: قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا رضي الله تعالى عنه أميرا. ثم قال: سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة بناحية وادي القرى في رمضان.
وفيه ما علمت.
ثم لا يخفى أن في هذا إطلاق السرية على الطائفة التي خرجت للتجارة ولا يختص ذلك بمن خرج للقتال أو لتجسس الأخبار، وقد تقدم.
[سرية عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إلى دومة الجندل]
بضم الدال المهملة وبفتحها، وأنكره ابن دريد لبني كلب.
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه، فأقعده بين يديه وعممه بيده، قال أي بعد أن قال له: تجهز فإني باعثك في سرية من يومك هذا أو من الغد إن شاء الله تعالى. ثم أمره أن يسري من الليل إلى دومة الجندل في سبعمائة وعسكروا خارج المدينة.
فلما كان وقت السحر جاء عبد الرحمن بن عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:
أحببت يا رسول الله أن يكون آخر عهدي بك، وكان عليه عمامة من كرابيس: أي غليظة قد لفها على رأسه، فنقضها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم عممه بعمامة سوداء وأرخى بين كتفيه منها أربع أصابع أو نحوا من ذلك. ثم قال: هكذا يا بن عوف فاعتم فإنه أحسن وأعرف.
ثم أمر صلى الله عليه وسلم بلالا أن يدفع إليه اللواء فدفعه إليه، وقام صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم صلى على نفسه، ثم قال: خذه يا بن عوف انتهى، وقال: اغز بسم الله وفي سبيل الله، فقاتل من كفر بالله، ولا تغلّ، أي لا تخن في المغنم ولا تغدر، أي لا تترك الوفاء، ولا تقتل وليدا وفي رواية: لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تنكثوا، ولا تملوا، ولا تقتلوا وليدا: أي صبيا: فهذا عهد الله وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم فيكم ثم قال صلى الله عليه وسلم له: إذا استجابوا لك فتزوج ابنة ملكهم، فسار عبد الرحمن بن عوف حتى قدم دومة الجندل، فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام وهم يأبون ويقولون: لا نعطي إلا السيف. وفي اليوم الثالث أسلم رأسهم وملكهم الأصبغ بن عمرو الكلبي وكان نصرانيا: قال في النور:
لم أجد أحدا ترجمه، والظاهر أنه ما وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فهو تابعي، وأسلم معه ناس كثير من قومه، وأقر من أقام على كفره بإعطاء الجزية: أي وأرسل رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه بذلك وأنه يريد أن يتزوج فيهم. فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تزوج ببنت الأصبغ، أي فتزوجها رضي الله تعالى عنه، وبنى بها عندهم، وقدم بها