وذكر بعض أصحابنا أنه صلى الله عليه وسلم:«كان يرفع يديه في الدعاء المذكور وقاس عليه رفعهما في قنوت الصبح» وروى الحاكم أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في قنوت الصبح.
واستدل أصحابنا على استحباب القنوت للنازلة في سائر المكتوبات بقنوته ودعائه على قاتلي أصحاب بئر معونة.
وفي بعض السير: فدعا النبي صلى الله عليه وسلم شهرا عليهم في صلاة الغداة. وفي لفظ يدعو في الصبح، وذلك بدء القنوت، وما كان يقنت رواه الشيخان.
وقد سئل الجلال السيوطي هل دعاؤه صلى الله عليه وسلم على من قتل أصحابه كان عقب فراغه من القنوت المشهور أو كان الدعاء هو قنوته؟ فأجاب رحمه الله بأنه لم يقف على شيء من الأحاديث يدل على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين القنوت والدعاء، قال: بل ظاهر الأحاديث أنه اقتصر على الدعاء، أي فيكون قنوته هو الدعاء، وهو الموافق لقول أصحابنا. ويستحب القنوت في اعتدال آخرة صبح مطلقا وآخر سائر المكتوبات أي باقيها للنازلة وهو: اللهم اهدنا الخ في أن أل في القنوت للعهد والله أعلم.
وفي رواية أنه يدعو على الذين أصابوا أصحابه في الموضعين، أي بئر معونة والرجيع دعاء واحدا، لأنه صلى الله عليه وسلم جاءه خبرهما في وقت واحد كما تقدم، وأدمج البخاري رحمه الله بئر معونة مع بعث الرجيع لقربهما في الزمن، أي ففيه مكث صلى الله عليه وسلم يدعو على أحياء من العرب على رعل وذكوان وعصية وبني لحيان، أي وهو يقتضي أنهما شيء واحد وليس كذلك، وقد علمت أن بني لحيان قتلوا أصحاب الرجيع ومن قبلهم قتلوا أصحاب بئر معونة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[سرية محمد بن سلمة إلى القرطاء]
بالقاف المفتوحة وبالطاء المهملة، وهم بنو بكر بن كلاب.
بعث صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة إلى القرطاء في ثلاثين راكبا أي وأمره أن يسير الليل ويكمن النهار، وأمره أن يشن عليهم الغارة فسار الليل وكمن النهار، قال: وصادف في طريقه ركبانا نازلين، فأرسل إليهم رجلا من أصحابه يسأل من هم؟ فذهب الرجل ثم رجع إليه، فقال: قوم من محارب، فنزل قريبا منهم، ثم أمهلهم حتى عطنوا: أي بركوا الإبل حول الماء، أغار عليهم، فقتل نفرا منهم أي عشرة وهرب سائرهم، واستاق نعما وشاء، ولم يتعرض للظعن أي النساء انتهى ثم انطلق حتى إذا كان بموضع يطلعه على بني بكر بعث عابد بن بشير إليهم وخرج محمد بن مسلمة رضي الله تعالى عنه في أصحابه فشن عليهم الغارة، فقتل منهم عشرة واستاقوا النعم