يقول ليت ما أمر به نهى عنه أو ما نهى عنه أمر به. فقال المنذر: قد نظرت في هذا الذي في يديّ فوجدته للدنيا دون الآخرة، ونظرت في دينكم فرأيته للآخرة والدنيا فما يمنعني من قبول دين فيه أمنية الحياة وراحة الموت؟ ولقد عجبت أمس ممن يقبله، وعجبت اليوم ممن يرده. وإن من إعظام من جاء به أن يعظم رسوله، وسأنظر والله أعلم.
ومن جملة كتاب المنذر، أي الذي هذا الكتاب جوابه «أما بعد يا رسول الله، فإني قرأت كتابك على أهل البحرين، فمنهم من أحبّ الإسلام وأعجبه ودخل فيه، ومنهم من كرهه، وبأرضي مجوس ويهود فأحدث لي في ذلك أمرك» .
وذكر ابن قانع أن المنذر المذكور وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فهو من الصحابة. قال أبو الربيع: ولا يصح ذلك.
[ذكر كتابه صلى الله عليه وسلم إلى جيفر وعبد ابني الجلندي ملكي عمان]
أي بضم العين المهملة وتخفيف الميم: بلدة من بلاد اليمن على يد عمرو بن العاص رضي الله عنه.
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى جيفر وعبد ابني الجلندي، وبعث معه كتابا فيه:«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله إلى جيفر وعبد ابني الجلندي، سلام على من اتبع الهدى» أما بعد: فإني أدعوكما بدعاية الإسلام أسلما تسلما، فإني رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حيا ويحقّ القول على الكافرين، وإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما أن تقرّا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما، وخيلي تحل: أي تنزل بساحتكما، وتظهر نبوتي على ملككما» وختم رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب.
قال عمرو: ثم خرجت حتى انتهيت إلى عمان، فعمدت إلى عبد، وكان أحلم الرجلين وأسهلهما خلقا، فقلت: إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك وإلى أخيك، فقال:
أخي المقدم عليّ بالسن والملك، وأنا أوصلك به حتى يقرأ كتابك، ثم قال: وما تدعو إليه؟ قلت: أدعوك إلى الله وحده. وتخلع ما عبد من دونه، وتشهد أن محمدا عبده ورسوله. قال: يا عمرو إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك؟ يعني العاص بن وائل، فإن لنا فيه قدوة؟ قلت: مات ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، ووددت له لو كان آمن وصدق به، وقد كنت قبل على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام قال: متى اتبعته؟ قلت: قريبا، فسألني أين كان إسلامي؟ فقلت: عند النجاشي، وأخبرته أن النجاشي قد أسلم قال: فكيف صنع قومه بملكه؟ قلت: أقروه واتبعوه قال: