أقول: ذكر بعضهم عن المبرد قال ابن ملجم لعليّ كرم الله تعالى وجهه: إني اشتريت سيفي هذا بألف، وسممته بألف، وسألت الله تعالى أن يقتل به شر خلقه، فقال عليّ: قد أجاب الله دعوتك، يا حسن إذا أنا مت فاقتله بسيفه ففعل به الحسن ذلك ثم أحرقت جثته. وقد ذكر أنه قطعت أطرافه وجعل في قوصرة وأحرقوه بالنار.
وقد ذكر أن عليا قال يوما وهو مشير لابن ملجم: هذا والله قاتلي، فقيل له ألا نقتله؟ فقال: من يقتلني؟ وتبع الأصل في كون تكنية عليّ بأبي تراب في هذه الغزوة شيخه الدمياطي.
واعترضه في الهدى بأنه صلى الله عليه وسلم إنما كناه بذلك بعد نكاحه فاطمة رضي الله تعالى عنها «فإنه صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوما وقال أين ابن عمك؟ قالت: خرج مغاضبا، فجاء إلى المسجد فوجده مضطجعا فيه وقد لصق به التراب، فجعل ينفضه عنه ويقول: اجلس أبا تراب» وقيل إنما كناه أبا تراب لأنه كان إذا غضب على فاطمة في شيء لم يكلمها ولم يقل لها شيئا تكرهه، إلا أنه يأخذ ترابا فيضعه على رأسه. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى التراب على رأسه عرف أنه عاتب على فاطمة.
قال في النور: يجوز أن يكون صلى الله عليه وسلم خاطبه بهذه الكنية مرتين، أي ويكون سبب الكنية علوق التراب به، وكونه يضعه على رأسه، والله أعلم.
[غزوة سفوان ويقال لها غزوة بدر الأولى]
وحين قدم صلى الله عليه وسلم من غزوة العشيرة لم يقم بالمدينة إلا ليالي لم تبلغ العشرة حتى غزا وخرج خلف كرز بن جابر الفهري وقد أغار قبل أن يسلم على سرح المدينة:
أي النعم والمواشي التي تسرح للمرعى بالغداة. خرج في طلبه حتى بلغ واديا يقال له سفوان بالمهملة والفاء ساكنة، وقيل مفتوحة من ناحية بدر، أي ولذا قيل لها غزوة بدر الأولى، وفاته صلى الله عليه وسلم كرز ولم يدركه. وكان قد استعمل على المدينة زيد بن حارثة، وحمل اللواء- وكان أبيض- علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وقد تبعت الأصل في تقديم غزوة العشيرة على غزوة سفوان لما تقدم، وهو عكس ما في سيرة الشامي الموافق لسيرة الدمياطي ولما في الإمتاع، والله أعلم.
[باب تحويل القبلة]
وحولت القبلة في شهر رجب من السنة المذكورة التي هي الثانية في نصفه، وقيل في نصف شعبان. قال بعضهم: وعليه الجمهور الأعظم، وقيل كان في جمادى الآخرة، أي فقد قيل «إنه صلى الله عليه وسلم في المدينة إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، وقيل