للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسماهم أهل مكة جيش السويق، يقولون: إنما خرجتم لتشربوا السويق.

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على بدر ينتظر أبا سفيان لميعاده مدة الموسم التي هي ثمانية أيام، أي فإنه صلى الله عليه وسلم انتهى إلى بدر هلال ذي القعدة كما تقدم، وقام السوق صبيحة الهلال، فأقاموا ثمانية أيام والسوق قائمة. أي وصار المسلمون كلما سألوا عن قريش وقيل لهم قد جمعوا لكم يقولون: حسبنا الله ونعم الوكيل، حتى قيل لهم لما قربوا من بدر: إنها قد امتلأت من الذين معهم أبو سفيان يرعبونهم ويرهبونهم، فيقول المؤمنون: حسبنا الله ونعم الوكيل، فلما قدموا بدرا وجدوا أسواقا لا ينازعهم فيها أحد، فأنزل الله تعالى الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) [آل عمران: الآية ١٧٣] فالمراد بالناس الأول: نعيم نزل منزلة الجماعة.

وعن إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه أن القائلين ذلك كانوا أربعة، ولا مانع أن يكون هؤلاء الأربعة من المنافقين لعنهم الله، وافقوا نعيما على ما قال حتى إن قائلهم قال للمسلمين: إنما أنتم لهم أكلة رأس، وإن ذهبتم إليهم لا يرجع منكم أحد.

وقيل القائلون ركب من عبد القيس، كانوا قاصدين المدينة للميرة، فجعل لهم أبو سفيان حمل أبعرتهم زبيبا إن هم خذلوا المسلمين وأرجفوهم. ولا مانع من وجود ذلك كله.

هذا، وقد نقل ابن عطية رحمه الله عن الجمهور أن هذه الآية الواقعة المذكورة إنما كانت بحمراء الأسد عند انصرافه من أحد فليتأمل.

ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، أي وبلغ قريشا خروج المسلمين لبدر وكثرتهم، وإنهم كانوا أصحاب الموسم: أي والمخبر لهم بذلك معبد بن أبي معبد الخزاعي، فإنه بعد انقضاء الموسم خرج سريعا إلى مكة وأخبرهم بذلك. فقال صفوان بن أمية لأبي سفيان: قد والله نهيتك يومئذ أن تعد القوم، وقد اجترؤوا علينا ورأوا أنا أخلفناهم، وإنما خلفنا الضعف.

[غزوة دومة الجندل]

بضم الدال ويجوز فتحها، واقتصر الحافظ الدمياطي على الأول: أي وأما دومة بالفتح لا غير فموضع آخر، ومن ثم قال الجوهري: الصواب الضم، وأخطأ المحدثون في الفتح. سميت بدومي بن إسماعيل عليه السلام، لأنه كان نزلها: وهي بلدة بينها وبين دمشق خمس ليال، وهي أقرب بلاد الشام إلى المدينة، وبينها وبين

<<  <  ج: ص:  >  >>