والده صلى الله عليه وسلم لم يمت وهو حمل، بل بعد وضعه، وأنها وجدت المشقة في حمل ذلك السقط، وأن أخبارها بذلك تأخر عن حملها بذلك السقط، وأنها رأت في حملها بذلك السقط من الشدة ما لم تجده في حمله صلى الله عليه وسلم.
وأما حملها بذلك السقط قبل حملها به صلى الله عليه وسلم فلا يأتي، لمخالفته لما تقدم من أن عبد الله دخل بها حين أملك عليها، وانتقل إليها النور عند ذلك، ولأنه يخرج بذلك عن كونه بكر أبيه وأمه.
وأما رواية حملت الأولاد فما وجدت حملا، فقال فيها الواقدي: لا نعرف عند أهل العلم كما بينا ذلك في الكوكب المنير. على أن إمكان حملها بسقط لا يقدح في نقل الإجماع على أنها لم تحمل بغيره صلى الله عليه وسلم، لإمكان أن مراده حملا تاما.
وفي الخصائص الصغرى للجلال السيوطي: ولم يلد أبواه غيره صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
قال: وترك عبد الله جاريته أم أيمن بركة الحبشية، أسلمت قديما هي وولدها أيمن وكان من عبد حبشي يقال له عبيد اهـ.
أقول: في كلام ابن الجوزي أنه صلى الله عليه وسلم أعتقها حين تزوج خديجة، وزوّجها عبيدا الحبشي بن زيد من بني الحرث فولدت أيمن. ولا ينافيه ما في الإصابة: كانت أم أيمن تزوجت في الجاهلية بمكة عبيدا الحبشي بن زيد، وكان قدم مكة وأقام بها، ثم نقل أم أيمن إلى يثرب فولدت له أيمن، ثم مات عنها، فرجعت إلى مكة، فتزوجها زيد بن حارثة قاله البلاذري، والله أعلم.
قال: وقد زوجها صلى الله عليه وسلم أي بعد النبوة مولاه زيد بن حارثة: أي وإنما رغب زيد فيها لما سمعه صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج بأم أيمن» فجاءت منه بأسامة فكان يقال له الحب ابن الحب.
وقيل أعتقها عبد الله قبل موته. وقيل كانت لأمه صلى الله عليه وسلم، وترك: أي عبد الله خمسة أجمال وقطعة من غنم، فورث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيه اهـ أي فهو صلى الله عليه وسلم يرث ولا يورث. قال صلى الله عليه وسلم:«نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة» .
ودعوى بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم لم يرث بناته اللاتي متن في حياته، فعلى تقدير صحته جاز أن يكون صلى الله عليه وسلم ترك أخذ ميراثه تعففا وسيأتي. وقال ابن الجوزي وأصاب أم أيمن هذه عطش في طريقها لما هاجرت: أي إلى المدينة على قدميها وليس معها أحد وذلك في حر شديد، فسمعت شيئا فوق رأسها، فتدلى عليها من السماء دلو من ماء برشاء أبيض فشربت منه حتى رويت، وكانت تقول: ما أصابني عطش بعد ذلك ولو تعرضت للعطش بالصوم في الهواجر ما عطشت: أي وفي مزيل الخفاء قال الواقدي:
كانت أم أيمن عسرة اللسان، فكانت إذا دخلت على قوم قالت سلام لا عليكم: أي