ينبغي أن يقال: يجوز أن يكون هذا أي ما في الصحيح كان قبل أن يسأل الله تعالى أن يحييه له فأحياه وآمن به كما أشار إليه الأصل، أو أنه قال ذلك لمصلحة إيمان ذلك السائل، بدليل أنه لم يتدارك صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما قفا، فظهر له صلى الله عليه وسلم من حاله أنه تعرض له فتنة: أي يرتد عن الإسلام، فأتى له بما هو شبيه بالمشاكلة مريدا بأبيه عمه أبا طالب لا عبد الله، لأنه كان يقال لأبي طالب: قل لابنك يرجع عن شتم آلهتنا، وقالوا له: أعطنا ابنك وخذ هذا مكانه، فقال أعطيكم ابني تقتلونه، إلى غير ذلك مما يأتي. على أنه تقدم أن العرب تسمي العم أبا.
لا يقال على ثبوت هذا الحديث وصحته التي صرح بها غير واحد من الحفاظ ولم يلتفتوا لمن طعن فيه: كيف ينفع الإيمان بعد الموت.
لأنا نقول: هذا من جملة خصوصياته صلى الله عليه وسلم، لكن قال بعضهم: من ادعى الخصوصية فعليه الدليل: أي لأن الخصوصية لا تثبت بمجرد الاحتمال، ولا تثبت إلا بحديث صحيح. وفي كلام القرطبي: قد أحيا الله سبحانه وتعالى على يديه صلى الله عليه وسلم جماعة من الموتى.
وإذا ثبت ذلك فما يمنع إيمان أبويه بعد إحيائهما، ويكون ذلك زيادة في كرامته وفضيلته صلى الله عليه وسلم، ولو لم يكن إحياء أبويه نافعا لإيمانهما وتصديقهما لما أحييا كما أن رد الشمس لو لم يكن نافعا في بقاء الوقت لم ترد، والله أعلم.
قال الواقدي: المعروف عندنا وعند أهل العلم أن آمنة وعبد الله لم يلدا غير رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونقل سبط ابن الجوزي أن عبد الله لم يتزوج قط غير آمنة، ولم تتزوج آمنة قط غيره. ونقل إجماع علماء النقل على أن آمنة لم تحمل بغير النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى قولها: لم أحمل حملا أخف منه المفيد أنها حملت بغيره صلى الله عليه وسلم أنه خرج على وجه المبالغة اهـ.
أقول: هذه الرواية لم أقف عليها، والذي تقدم ما رأيت من حمل هو أخف منه. وفي رواية أخرى: حملت به فلم أجد حملا قط أخف منه علي وحمل الرؤية والوجدان على العلم الحاصل بإخبار غيرها من ذوات الحمل لها عن حالهن ممكن، فلا يقتضي ذلك أنها حملت بغيره. ولا ينافيه قولها أخف عليّ لأن المراد عليّ فيما علمت، والله أعلم.
قال: والحافظ ابن حجر نسب سبط ابن الجوزي في نقل الإجماع إلى المجازفة فقال: وجازف سبط ابن الجوزي كعادته في نقل الإجماع، ولا يمتنع أن تكون آمنة أسقطت من عبد الله سقطا فأشارت بقولها المذكور إليه اهـ.
أقول: وحينئذ تكون حملت بذلك السقط بعد ولادته صلى الله عليه وسلم، بناء على أن