ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها، ونادت الأنصار: رضينا وسلمنا يا رسول الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار. زاد في رواية: وأبناء أبناء الأنصار. وقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه جزاكم الله يا معشر الأنصار خيرا، أي وأنزل الله تعالى فيهم وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [الحشر: الآية ٩] أي ولو كان بهم فاقة وحاجة إلى ما يؤثرون به، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بين المهاجرين. أي وفي كلام بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم لم يعم المهاجرين ولم يعط أحدا من الأنصار إلا رجلين كانا محتاجين: أي وهما سهل بن حنيف وأبو دجانة رضي الله تعالى عنهما، وبعضهم ضم إليهما ثالثا وهو الحارث بن الصمة ونظر فيه بعضهم بأنه قتل في بئر معونة.
وأعطى صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ سيف بن أبي الحقيق أحد سادات بني النضير وكان سيفا له ذكر عندهم، وكان صلى الله عليه وسلم يزرع أرضهم التي تحت النخل، فيدّخر من ذلك قوت أهله سنة، وما فضل يجعله في الكراع: أي الخيل والسلاح عدة في سبيل الله تعالى.
أقول: فيه تصريح بأنه لم يقسم الأرض، ويحتمل أن المراد بقوله كان يزرع أرضهم التي تحت النخل: أي بعض أرضهم، ويدل له ما يأتي، ولم أقف على كيفية زرعه صلى الله عليه وسلم للأرض من مزارعة أو غيرها.
وفي الخصائص الكبرى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، أعطاه الله تعالى إياه وخصه بها، فأعطى أكثرها المهاجرين وقسمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار.
وهذا السياق يدل على أن مراده بنخل بني النضير أموالهم كما تقدم في الروايات، لا خصوص النخل.
ثم رأيت في عبارة بعضهم: وأكثر الروايات على أن أموال بني النضير: أي من مواشيهم كالخيل ومزارعهم وعقارهم حق لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة له، خصه الله تعالى بها، لم يخمسها ولم يسهم منها لأحد، وأعطى منها ما أراد ووهب العقار للناس.
وأعطى أبا بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف وصهيبا وأبا سلمة بن عبد الأسد ضياعا معروفة من ضياع بني النضير.
ولعل المراد بالضياع الأراضي، ويدل لذلك ما في البخاري «أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير أرضا من أراضي بني النضير» كما أن ذلك هو المراد بقول الإمتاع وكانت بنو النضير من صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلها حبسا لنوائبه. وكان صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله منها وكانت صدقاته منها.
وقد يقال: لا منافاة، لأنه يجوز أن يكون أعطى بعض أراض وأبقى بعضها