للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١، ١٢] مثلهم كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (١٦) [الحشر: الآية ١٦] ووجد صلى الله عليه وسلم من الحلقة: أي آلة السلاح خمسين درعا، وخمسين بيضة، وثلاثمائة وأربعين سيفا، ولم يخمس ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أي كما خمس أموال بني قينقاع. قال: وقد قال له عمر رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله ألا تخمس ما أصبت: أي كما فعلت في بني قينقاع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أجعل شيئا جعله الله لي دون المؤمنين بقوله تعالى ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى [الحشر: الآية ٧] الآية كهيئة ما وقع فيه السهمان أي فكان أموال بني النضير وعقارهم فيئا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، وتقدم التنبيه على ذلك في غزوة بني قينقاع، وفسرت القرى بالصفراء ووادي القرى أي ثلث ذلك كما في الإمتاع وينبع، وفسرت القرى ببني النضير وخيبر: أي بثلاث حصون منها. وهي الكتيبة والوطيح وسلالم كما في الإمتاع، وفدك: أي نصفها كما في الإمتاع، ذكره الرافعي في شرح مسند إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه.

أقول: قال بعضهم: وهذا أول فيء حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ويرده ما تقدم في غزوة بني قينقاع، إلا أن يقال: المراد أوّل فيء اختص به صلى الله عليه وسلم ولم يقسمه قسمة الغنيمة على ما تقدم.

ثم دعا الأنصار الأوس والخزرج فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله. ثم ذكر الأنصار وما صنعوا بالمهاجرين، من إنزالهم في منازلهم، وإيثارهم على أنفسهم بأموالهم. ثم قال لهم: إن إخوانكم المهاجرين ليس لهم أموال، فإن شئتم قسمت هذه الأموال: أي التي أفاء الله عليّ وخصني بها مع أموالكم بينكم جميعا، وإن شئتم أمسكتم أموالكم وقسمت هذه فيهم خاصة، فقالوا: بل اقسم هذه فيهم، واقسم لهم من أموالنا ما شئت.

وفي رواية: إن أحببتم قسمت بينكم وبين المهاجرين ما أفاء الله عليّ من بني النضير، وكان المهاجرون على ما هم عليه من السكنى في منازلكم وأموالكم: أي الأرض والنخل، لأنه لما قدم المهاجرون من مكة إلى المدينة قدموا وليس بأيديكم شيء، وكان الأنصار أهل الأرض والعقار: أي النخل، فآثروهم بمتاع من أشجارهم، فمنهم من قبلها منيحة محضة ويكفونه العمل، ومنهم من قبلها بشرط أن يعمل في الشجر والأرض وله نصف الثمار، ولم تطب نفسه أن يقبلها منيحة محضة، لشرف نفوسهم وكراهتهم أن يكونوا كلا وإن أحببتم أعطيتهم أي وخرجوا من دوركم، أي وأموالكم، فتكلم سعد بن عبادة وسعد بن معاذ. فقالا: يا رسول الله بل تقسم بين المهاجرين ويكونون في دورنا كما كانوا، بل نحب أن تقسم ديارنا وأموالنا على المهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم وعشائرهم وخرجوا حبا لله ولرسوله،

<<  <  ج: ص:  >  >>