تقدم عن البخاري، بل رواه بالمعنى، فقال: روينا في صحيح البخاري من حديث أبي موسى رضي الله عنه أنهم نقبت أقدامهم، فلفوا عليها الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع. قال: وجعله: أي البخاري حديث أبي موسى هذا حجة على أن غزوة ذات الرقاع متأخرة عن خيبر، لأن أبا موسى إنما قدم في خيبر لا دلالة فيه على ذلك، أي لأنه يجوز أن يكون قول أبي موسى رضي الله عنه إنهم نقبت أقدامهم:
يعني الصحابة، فيكون هذا مما رواه أبو موسى عمن شاهد الوقعة من الصحابة. وفيه أن هذا لا يأتي مع قول البخاري عن أبي موسى «فنقبت قدماي وسقطت أظفاري» إذ هو صريح في أن أبا موسى رضي الله عنه حضرها، والأصل تبع في تقديمها على خيبر شيخه الدمياطي، وتابعه أيضا في رواية ما تقدم عن البخاري بالمعنى. ونظر الدمياطي في رواية أبي موسى: أي التي في البخاري التي رواها عنه بالمعنى، بأنها مخالفة لما عليه أهل المغازي من تقديمها على خيبر.
قال الحافظ ابن حجر: وادعى الدمياطي غلط الحديث الصحيح، وأن جميع أهل السير على خلافه، والاعتماد على ما في الصحيح أي من تأخيرها على خيبر أولى، لأن أصحاب المغازي مختلفون في زمانها. قال: والبخاري مع روايته عن أبي موسى الصريحة في تأخر غزوة ذات الرقاع عن غزوة خيبر، قدم غزوة ذات الرقاع على خيبر. قال: ولا أدري، هل تعمد ذلك تسليما لأصحاب المغازي أنها كانت قبل خيبر، أو أن ذلك من الرواة عنه، أو إشارة إلى احتمال أن تكون ذات الرقاع اسما لغزوتين مختلفتين: أي واحدة قبل خيبر، والثانية بعدها كما قدمناه. أي وقدمنا أن سبب التسمية في الثانية ما ذكر عن أبي موسى رضي الله عنه، وأما في الأولى فأحد الأسباب الآتية.
قال في الإمتاع: وقد قال بعض من أرخ: إن غزوة ذات الرقاع أكثر من مرة، فواحدة كانت قبل الخندق، وأخرى بعدها: أي وبعد خيبر.
ولم غزا صلى الله عليه وسلم استخلف على المدينة أبا ذر الغفاري. وقيل عثمان بن عفان رضي الله عنه. قال ابن عبد البر: وعليه الأكثر. أي وقد نظر في الأول، بأن أبا ذرّ رضي الله عنه لما أسلم بمكة رجع إلى بلاد قومه، فلم يجىء حتى مضت بدر وأحد والخندق.
أقول: وهذا النظر بناء على أنها كانت قبل الخندق، وأما على أنها كانت بعد الخندق وبعد خيبر فلا يتأتى هذا النظر، والله أعلم.
وسار صلى الله عليه وسلم حتى بلغ نجدا فلم يجد بها أحدا ووجد نسوة فأخذهنّ وفيهن جارية وضيئة. ثم لقي جمعا فتقارب الجمعان ولم يكن بينهما حرب.